من حفر حفرة

من حفر حفرة

من حفر حفرة

 صوت الإمارات -

من حفر حفرة

بقلم : علي أبو الريش

هكذا كانت إيران ولا تزال في الطريق إلى تنفيذ أجندة الأنا المتغطرسة، تحفر للآخرين وتضع الصخور الضخمة في طريقهم، وتزرع الأشواك العملاقة، لكي لا يمضوا باتجاه المستقبل، ولكي لا تنمو أشجارهم، ولا تنبع المياه العذبة في ديارهم. ولو سألنا لماذا؟ سوف يجيب لنا ضمير إيران أنه تصرف نابع من نرجسية، ومن وهم تاريخي بغيض، ومن فكرة خيالية غرسها شخص مصاب بالبارانويا، جعل من التابعين له يستمرؤون هذا السلوك، لأنه الوصفة الوحيدة التي تسكن آلام المرض الخبيث، وتهدئ

من روعهم. هذه الحفرة التي حاولت إيران حفرها في ديار الآخرين وتعميقها تقع اليوم فيها، وأعتقد أن ذاكرة الشعوب لا تسفه بالثوابت، ولا تنسى ولا تسلو، بل هي تراكم وتحفظ وتنمي حتى تنضج عناصر التكوين في الجسد الواحد، فقد يقمع الحرس الثوري وقد يستخدم أشد أنواع البطش والاستعلاء والاستيلاء والقتل والتنكيل، ولكن كل هذا لن يسكت الجياع، ولن يخرس ألسنتهم عن البوح بما يشعرون به من ظلم وجور.

ومن المؤسف أن إيران تكرر نفس أخطاء كل الديكتاتوريات في العالم عندما يصرخ رضيع متعب، نجدها بسرعة البرق تشير بالبنان بأن هناك مؤامرة، وأن قوة خارجية هي التي تغذي الاحتجاج، وهي التي تدفع المحتج لأن يصرخ، ولذا نجدها قد أغلقت الحدود والنجود، وأعمت الفضاء، كي لا يتم التنفس عبره بين المحتجين، ونسيت إيران أن الصرخة التي تنبع من الداخل، لا تحتاج إلى وسائل إرسال، بل هي متواصلة بالفطرة، ومتصلة بالمشاعر الداخلية، المهم في الأمر، أن لا تتداخل الأصوات النشاز من المغرضين، ويفشلوا المشروع الجماهيري الإنساني الذي لا يسعى إلى سلطة، وإنما إلى قوت يومه الذي يسد به الرمق، ويسكت به صراخ صغاره. إيران يجب أن تفهم أن حبل الكذب قصير، والنعيق اليومي عبر أبواق النفاق لن يجدي ولن يحمي الكذابين من زلزلة الحقيقة، ولن يمنع الناس البسطاء من رفع الأصوات، ورفض هذا السيل الجارف من الشعارات التي ملها الناس، وأصبحوا لا يطالبون إلا بالغذاء والكساء والتعليم والصحة.

إيران لم تتفرغ لهذه الواجبات، لأنها كانت مشغولة لغزل حبال الكذب، لتصديره إلى كل جهات العالم، بدءاً من الجوار الجغرافي حتى أعماق الغابات الأفريقية، وكأن هؤلاء المساكين امتلأوا ثراء، ولا ينقصهم إلا ضرب الصدور، تعبيراً عن الفرح لا الحزن. حقيقة كان بإمكان السلطات الإيرانية أن تستفيد من وضعها الاقتصادي، وإمكانياتها البشرية والمادية، في التلاحم مع دول الجوار، ومد الأغصان الخضراء، بدلاً من حفر خنادق الحقد وتدبير الدسائس وبث روح الشك والريبة بين شعوب المنطقة. كانت تستطيع إيران أن تفعل ذلك، ولكن الطبع يغلب التطبع، ومن شبّ على شيء شاب عليه، وهذه هي سمة الأخلاق المبنية على الكراهية، لا تنبت إلا جمرات تحرق صاحبها قبل غيره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من حفر حفرة من حفر حفرة



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates