يحدث هذا في النفس

يحدث هذا في النفس

يحدث هذا في النفس

 صوت الإمارات -

يحدث هذا في النفس

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

كوننا بشراً، تحكمنا تلك العلاقة الوطيدة مع الحب، وبالأخص مع المقربين، وبالذات مع أولئك الأمهات اللاتي تأتي أصواتهن عبر الأثير، مثل صوت المطر وهو يبلل وجدان الأرض فيجعلها ندية، وسخية، وبهية، ترسل أشواقها للطير كي يحط على أديمها، ثم يتم التواصل مع الوجود، كما هو الالتقاء ما بين العشاق.
عندما تسمع صوت الأم يناديك، وأنت في شرنقة الراهن الرهيب، ينتابك شعور غريب لا تستطيع تفسيره، ولكنك تحسه، أنه يتسرب فيك، كما هي الموجة عندما تتعطش للانسجام مع السواحل، تشعر بكتلة من الأشواق تزحف ناحية القلب، ويتحول قلبك إلى بؤرة من الوميض القادم من منطقة الطفولة، تتذكر تلك المرأة النبيلة التي كانت تملؤك بالحنان، كما تفعل الشجرة العملاقة حين تضم بين ثناياها أعشاش الطير، وتهفهف بأغصانها كي لا يتناثر الغبار حول جفنيك، تتذكر تلك الغافية بين جفنيك، وهي النعيم الأزلي، يمنحك الأحلام الزاهية، ويغرقك بحنان الأمومة، وأنت ترشف من المعين ولا تكف، ولا تخف.
اليوم، أنت في المنطقة الرمادية من وجدان الوجود المأزوم بمخالب الخطر، تحاول أن تمني النفس بالأمل، وتفكر أنك لمجرد أن ترفع الغمة فسوف تطير بأجنحة الشغف، إلى حيث تكمن تلك المحبوبة، وسوف تحط أجنحتك عند قدميها، وتقبل يديها، وتبسم، ودمعة التشظي تغسل وجنتيك، وتتأمل ذلك الوجه الذي غزته مرارة العجز، واكتسحت المحيا أخاديد الزمن.
تفكر فيها وأنت المشتاق، تفكر فيها وفي القلب تطوف فراشة حائرة، هي تلك المرأة نفسها عندما كانت في ثوب الصيف الأخضر الشفيف، تطوقك بذراعي المودة، وتهدئ من روعك، وتقول: لا تخف يا فلذة كبدي، يا مناي، ولمضة الروح، فالليل سيمضي، ويأتي الصباح، لتقطف أنت رغيف المضغة الأولى، ثم ستمضي إلى مسعاك الصباحي، وتلعب مع الصبية، الغافين عند رمل الرمضاء كطيور النورس.
اليوم كيف تستطيع أنت البعيد.. البعيد.. أن تعيد لها ذلك الهارب من بين حناياها، وهو أمل الرجوع؟ كيف يمكن لهذا الباطش المخيف أن يرفع ذراعه الرهيب عن أرواح البشر، ويذهب الفزع، لتعود الركاب إلى مراعيها، وتقطف عشب الفرح، ثم تمضي في هواها من دون أن تسمع عدد المتوفين، والمصابين، وتنتهي اللعبة السخيفة، ويصبح كل ما حدث مجرد ذكرى، تتردد على ألسنة الصغار والكبار، وتقر عين تلك الصابرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يحدث هذا في النفس يحدث هذا في النفس



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates