بقلم : علي أبو الريش
في معرض الكتاب هناك حوار داخلي أجراه كل من زاروا هذا المعرض، وكل من جالوا في أروقته، ثيمة هذا الحوار هي أي ثقافة نريد؟ شاهدنا في الأجنحة وفي والمنصات ما يشبه التظاهرة الحوارية تدور جملتها حول معنى أن يكون للكلمة سحر الموجة، ورفرفة الأجنحة، وهفهفة الأوراق، وتغريدة الطير، شاهدنا كل ذلك ونحن نتحرك في الأمكنة المزدحمة بالوشوشة، فكان للصوت الخارج من فم النادي شيء من المناجاة، وأحياناً الهدهدة، وهي تمارس فعل الغيمة عندما تدق أجراسها على التربة الظمأى.
حوار داخلي يدعو إلى ثقافة تنفتح على الآخر، وتذهب إلى العالم ببريق الذات الصافية، وتألق الروح الصاحية، وتدفق اللسان العربي بعذوبة الماء الزلال، لا فيه زلل، ولا فيه خلل، إنه البوح المعني بشمولية الحب، الدال على التواصل من دون شعث، المتضمن أسئلته الوجودية العامة، المكتمل النضج، ومن غير تأتأة أو لهوجة، فالحب لا يقبل الهمس المغموس بالرجس، هو حب من غير شروط، كما تفعل الوردة عندما تنثر عطرها في الحياة، فلا تفرق بين لون أو عرق أو دين، هي هكذا متاحة للكون بأكمله.
هذه هي الثقافة التي نريد، والتي نهوى ونعشق، لأنها ثقافة الديمومة، والتنوير، وتغيير الذات نحو الأجمل، والأكمل.
في معرض الكتاب وجدنا لغة الناس، كباراً وصغاراً، مسؤولين وبسطاء، و كتاباً وشعراء، تتجه نحو منطقة خضراء، يانعة، قادمة من وطن يؤسس لفكرة جديدة وجملة مبنية على المحسنات البديعية، والفعل الراسخ، والقول الراجح، والتواصل مع الآخر بأحلام الغد، نافضاً جلبابه من الغبار، مطهراً مكانه من السعار، مكتسباً قوته من إرادة قادة عشقوا الحياة ، فزينوها بأخلاق النبلاء، وجعلوا من الوطن واحة لطيور الحرية، وباحة للبوح السليم، واستراحة للعقل من عناء تاريخ كان مثقلاً بالحكايات الحزينة والروايات المشينة، واليوم تقود الإمارات مسيرة الوعي، بتقانة، ورزانة، وأمانة، وتمضي في السفينة على ظهر موجة بيضاء مثل قلوب أهلها، ناصعة مثل النجمة، ندية مثل الغيمة، وهكذا يستمر الحوار، ومعه تستمر الأسئلة الكبيرة، ولا تنتهي المسافة ما بين الأفق والخطوات، لأن العقل مشبع بعلامات الاستفهام، ولأن الروح لم تزل شغوفة بهذا الجمال، والقلب يتدفق بنبضات كالحروف التي يسبكها عشاق الكلمة، عشاق الحياة.
جميل هذا المشهد الإماراتي، والأجمل وجود أصحاب القرار في قلب المشهد، يعززون الخطوات، ويدفعون الأمنيات، كي تقف عند قمة الشجرة، ولا تترك للإحباط مكاناً.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد