بقلم - علي أبو الريش
ينتفخون فقاعات، ويتورمون كجثث نافقة، ويتوهمون بنزول النجمة على راحاتهم في لحظة التزلق على جليد الوعي الواجم.
منذ أن صحت الأنوات المخدوعة، وهم يرتكبون معصية القتامة، ويمضون بلا هدى إلى طريق الغي، ويضعون ركام النفايات التاريخية، عقيدة وجهاداً، ويمارسون الجهامة أسلوباً في التحيّز، ويمتعون الذوات بمزيد من صهد ورعد، ويصبون جحيم التمزق في الخلايا والنوايا، ويملأون الكون رزايا ومصائب. لا تستطيع أن ترى في عيونهم غير الغشاوة، ولا ينظرون إلى الوجود إلا بعيون ملؤها شرر وخطر.
منذ أن أعلنت الكذبة زيارتها منازل وعيهم، وهم ينسخون الفكرة، كما يفعل الطالب الفاشل، عندما يهم بالإجابة عن الأسئلة المبهمة، فيهيم جهالة ومن غير نباهة، في غش ما يمكن غشه، ثم بعد السؤال الأخير يقول: ها أنا أيقنت أنني فيلسوف الزمان في كل مكان، وجمهوريتي هي ممتدة من آخر نقطة في العالم حتى أفغانستان، ويعلن تفجيره للطمأنينة كي تصبح مزاراً للموت، وفناء لسعادة الآخرين، وانتهاء للحضارة.
هؤلاء المنتفخون والمنتفعون من فيض الحثالة، ونخالة القيم، ونذالة الأهواء، والمزاج العقيم.
هؤلاء هم الذين طوقوا الإنسانية، بأحلام أشبه بدخان محارق النفايات، وطرقوا أبواب الجنة المتوهمة على جثث الأبرياء، وعلى حساب الدماء المسفوكة جوراً وبهتاناً.
هؤلاء هم الذين راكموا مشاعرهم مثل حطب النار، وأوقدوا النيران جحيماً، وجرحاً أليماً في جسد الحضارة، وامتطوا صهوة الغدر، ذاهبين إلى الدمار، مثل أبابيل ورجوم، تهاجم الفضيلة بأسوأ رذيلة، وتهتك العرض والأرض بلا رحمة ولا شفقة، ولا قيم تردع ولا مبادئ تمنع، ولا شيم تدفع بالتي هي أحسن.
كل ما هُنالك، بقايا عصور الغاب تمارس الفحشاء والمنكر في حق الأبرياء، تحت شعارات واهية، وحجج متناهية في الجهل. منتفخون بالأوهام، منبعجون بالأسقام، منحطون في الأسافل والأراذل، منغمسون في الجريمة، كذئاب متوحشة تسوقهم نفوس مهشّمة، وتدفعهم قلوب نياطها أشبه بحبال مهترئة.
المنتفخون، يذهبون في المجتمعات، مثل عجلات عربات خربة، وبلا فرامل، يدهسون ويفترسون، ولا عودة لديهم إلى رشد أو وعي، لأنهم تشبعوا بأفكار أشبه بنشارة الخشب، هم أموات في حقيقة الأمر، تأخر دفنهم.
لمقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن صحيفة الأتحاد