بقلم : علي أبو الريش
يقف الشخص الفصامي موقف الضد من المجتمع ومن الحياة، إنه يدخل الغرفة المعتمة ولا يرى غير نفسه، ويجابه النور بوضع كفيه على وجهه كي لا يرى من حوله.
إنه كائن ميت بروح عدوانية بغيضة مفلسة خاوية، إنه مثل الكهف المهجور، إنه مثل منزل خرب بنت العناكب في شقوق جدرانه بيوتها الشائكة.
هذا الإنسان فقد إنسانيته منذ أن قرر أن يتنحى عن النور، ويذهب إلى الظلام، ويختبئ في ملاءة ذات مهشمة مثل الأرض الجدباء التي أصابها المحل، فتشققت ونمت في ثغورها الحشرات السامة.
مشكلة الإخوان المسلمين أنهم انزووا في زاوية قصية من العالم، وحلموا ذات ليلة ليلاء أنهم بالتورم والتبرم والتشرذم والتحطم يستطيعون أن يصنعوا لهم عالمهم الخاص المبني من حشائش جافة لا تغني ولا تسمن من جوع، هؤلاء سكنوا خياماً في صحراء قاحلة لا فيها زرع ولا ضرع، وعصفت بهم رياح العنجهية والتزمت ثم خلقوا خرافة السطوة وصدقوها وفهموا أن الاستيلاء على مشاعر الناس بالكذب والحيلة والخداع وسيلة ناجحة في تمرير مشاريعهم البارانوية، الأمر الذي دفع بهم إلى استخدام كافة السبل لأجل أن يتحلوا مكاناً لهم في العالم، بينما يعيش العالم حالة تذمر من هذا السيل الغث، ويقف موقفاً حازماً من فقاعات الزمن الحديث.
في كل مرة يخرج الإخوان بصرعات مدوية يتباكون تارة ويصرخون تارة أخرى في وجه الواقع، منغمسين في الخداع البصرية ظناً منهم أنهم يقودون المرحلة إلى شواطئ بلا خراب، بينما الواقع يثبت أنهم ليسوا سوى كائنات انحدرت من عصور ما قبل الجمع والالتقاط، أنهم يدفعون بالحياة نحو رمال متحركة تعصف بها ريح صرصر، وهم هكذا يفرحون ويهللون مهما زاغ البصر، وسجر البحر، وتدحرج الحجر، وفار التنور، واستعر الجمر، واهتز الزجاج وتكسر وانبثق من الظلمة كائن أحمق مكفهر، واحتدم الواقع وانحسر الفكر، وتراكمت الجدران على بعضها وماد الشجر.
هذه هي خطة الإخوان المسلمين، وسعيهم دائماً إلى تحطيم الثوابت وجعل الأوطان تعيش حالة من الخطر، ولا مفر غير الوعي، هو هذا الإكسير الذي يحمي الناس من شر مستطير، ومن وغد خطير أسمه جهل الإخوان.
المجتمعات لن تنجو من هذا الوباء إلا بالوعي، والبداية تنبع من الأسرة، ثم المدرسة، هاتان رافدا العقل، وهما موجاته اللتان تغسلان شواطئه من نفايات التاريخ، وعفن الأرض وحتى نستمر في الوعي لا بد من الاتكاء عليهما، «الأسرة، والمدرسة» ولا حل غيرهما.
العصاميون مرضى، ولا حل لهم غير قطع الدابر بداية من المجتمع الصغير، وهي الأسرة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد