أطلقوا الأفكار فإنها طيور

أطلقوا الأفكار فإنها طيور

أطلقوا الأفكار فإنها طيور

 صوت الإمارات -

أطلقوا الأفكار فإنها طيور

بقلم : علي أبو الريش

أن نحجب الأفكار، وأن نضعها في أقفاص التزمت، وأن نهيل عليها نفايات التاريخ وأن نقصقص أجنحتها، وندعها تمشي على الأرض اليباب، فإننا نعيد الإنسان إلى حالة البؤس والغبن، ونجعله يمضي إلى الحياة بعيون تغشيها غاشية الحزن التاريخي وعقد النقص والدونية، الأمر الذي يجعله بلا هوية ولا منطق، ولا أجنحة تمنحه التحليق في فضاءات الله، وقد منحنا العلي القدير العقل لكي نفكر ونتبصر ونتأمل قدرته الفائقة في صنع المعجزات، والذين يغلقون الأبواب والنوافذ، ويختبئون في الغرف المظلمة، هؤلاء تقاعسوا عن التفكير، وأكثر ما فعلوه أنهم جحدوا نعمة العقل التي منحها الله لعبادة، الله الذي خاطب نبيه موسى، وهو يتساءل عن قدرة خالقه، فقال له (... أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى)، هذا هو الحوار الأول بين المعبود وعبده، بينما نجد الجهلة يلعقون ريق العصبية، وينزفون من الغضب ما تشيب له الولدان، ويواجهون الحقيقة بالتزمت، ويجابهون الحق بالتعنت ويكظمون الغيظ والحنق، والحقد في وجه كل من يخالفهم الرأي، معتنقين فكرة المقدس والمحرم في كل ما يمس حياة الإنسان ومصيره ومستقبله متكئين على ثوابت باهتة ليس هي من الدين في شيء، وهناك نزوع قوي في دواخل هؤلاء يدفعهم إلى رفض الرأي الآخر، لأنهم يخافون زحزحة الأنا من مكانها، هي الأنا التي تربت على اللاءات الضخمة، والتي تحرم كل ما يكشف عورة الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها هؤلاء ضد حرية العقيدة، والتي هي جزء من قوة الإيمان بالعقل الذي ميز الله تعالى عباده عن سائر الكائنات، فعندما أراد نبي الله إبراهيم أن يستفهم عن سر الموت والحياة التي اختص تعالى هذه القوة لنفسه، قال إبراهيم لربه (... رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً...) هذا رب العالمين قبل بالسؤال وحاور نبيه، ومن دون شطط أو لغط، أو احتقار لهذا العبد الضعيف، وهذا هو الدليل على سمة الاحترام للعقل، وعدم ترك الأسئلة التي تشغل العباد، دون إجابة تحت أي ذريعة أو حجة، أو مبرر، فلم يسكت الله إبراهيم، ولم يقل له نفذ ولا تسأل، بل كانت السمة الإلهية حاضرة، وهي احترام العقل البشري، لأنه من روح الخالق، ومن جلال قدرته التي وهبها لعباده، بينما نجد الشذاذ والقصر يحاصرون هذا العقل بحزمة مفاهيم وهمية، ويجعلونه مطية لخيالات تسكنهم هم ولا علاقة لها بالدين، ولا بمشيئة الله، هؤلاء الذين يجعلون العقول طيوراً في محبس الرفض لكل ما هو عقلي، ولكل ما هو إنساني، ويريدون العقل يمضي إلى الحياة، مثل الروبوت الصناعي يكنس حثالة ما تقذف به النفس الأمارة، من دون تدخل العقل البشري.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطلقوا الأفكار فإنها طيور أطلقوا الأفكار فإنها طيور



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates