بقلم : علي أبو الريش
لا أعتقد أن كائناً من كان يستطيع أن يخمد النار، ويسكت السعار في سوريا إلا الكبار، لأنها مشكلة كبيرة ولأنها تجاوزت حدود الممكن المحلي والإقليمي، وبالتالي فإننا لابد أن نضع للأمنيات رؤوساً تطل منها على الحل المنشود.
نزف كثيرا وقرح تمادت وانتفخت وتورمت بحيث ما عاد للأطباء العامين من قدرة على العلاج.. القضية بحاجة إلى تخصص وإلى أدوات جراحية نافذة تمكن من يريد الحل أن يفتح الدفاتر من جديد، ويبدأ في تلاوة الأسباب لفهم الأعراض والنتائج المعضلة في سوريا، نحتاج اليوم إلى تدخل مباشر في الحل، وإلى التخلص من التعنت والتزمت والتحرر من الأفكار المسبقة، لأن مصلحة الشعب السوري الذي بات يبحث عن الهوية بعد أن كان يسأل عن الحرية، وما يجري يجب أن يجبر الجميع على الابتعاد عن الذاتية والأنانية، فسوريا التي تكاد تلحق بالصومال تحتاج إلى وعي وضمير وإلغاء الشعارات الجوفاء والمحاضرات والتحليلات التي أشبعتنا رغاء وثغاء وزبداً وكمداً، ولو أرادت أميركا وروسيا أن تتدخلا في صلب المعضلة بعيداً عن الانحيازات والاتهامات، لصار الحل بين اليدين، وما بين الشفتين وصار المستحيل واقعاً ملموساً، ولو أرادت الدولتان أن ينهي عهد داعش لقضيتا على هذا الكيان الشيطاني بكل يسر وسهولة.. فداعش ليس دولة عظمى ولا حتى صغرى، داعش كائن وهمي استطاع أن يسبر غور المجتمعات وينتهز ضعفها وخلافاتها وتشقق قيمها، فانقض في غفلة من الزمن فسلب ونهب واغتصب واستولى على المقدرات البشرية.
اليوم الصحوة الدولية واجبة، ووحدة الرأي أو لا مفر منه، ومهما بلغت الفجوة واسعة بين الأجندات، إلا أن العدو الواحد والمشترك يحتاج إلى تضييق هذه الفجوة ما أمكن، ليس من أجل سوريا وحدها، بل من أجل العالم وسلامه وأمانه.. فإنه لشيء محزن أن يصبح حتى الأطفال لا يتحدثون إلا عن الجرائم التي يرتكبها داعش وعن الدماء التي تسفك، فلم يفرح الصغار، إلا إذا استطاع الكبار أن ينتبهوا إلى شيء واحد، ألا وهو أن الطاعون إذا انتشر في حي واحد، فلا تفيد الأسوار العالية في منعه، ولا بعد المسافات.
إنه ينتقل عبر الأثير، فإذاً لابد من الأمصال القاطعة المانعة والحقن بالنوايا الحسنة، والجدية في التعاطي مع قضية هي من أهم القضايا في التاريخ المعاصر، فسوريا ليست بشار الأسد، ولا فلان هنا وعلان هناك، سوريا، الشعب الذي لم يعد يعرف أنه من حمص أو حلب، أو اللاذقية أو حماة، أو حتى من الرقة أو دير الزور ومن يريد أن يحل المشكلة السورية، يجب أن يخرج من شرنقة النظام أو المعارضة، ليدخل الفناء الواسع، يدخل عند مشارف قلوب السوريين التي دمرتها الحرب الظالمة وحولت دماءها إلى عوادم وتوالف بائدة.. ونتمنى من أوباما قبل أن يخرج من البيت الأبيض وقد أضاء سماء العالم بمبادرة تنهي بطش الباطشين وظلم الظالمين وهراء المفترين.