عقلنا أقل من إرادتنا

عقلنا أقل من إرادتنا

عقلنا أقل من إرادتنا

 صوت الإمارات -

عقلنا أقل من إرادتنا

بقلم _علي أبو الريش

الإرادة وليدة الآخر، والعقل من نبت الفطرة، تتعارض الإرادتان دائماً، فإرادة الإرادة، تريدك كما تتطلع إليه من مجد، وإرادة العقل تنحو نحو الفطرة، وهنا ينبع الصراع الأزلي، الذي يأخذ مركب الفرد، نحو تصادم الإرادتين، ونحو الحروب البدائية، فمن يملك قيادة العربة، ليعبر بها المحيط، ويصل إلى الشاطئ من دون خسائر. لكن طالما وجد الصراع، فلا بد من سطوة إرادة على الأخرى، ولابد من وقوع ضحايا في الطريق إلى الحياة.

من يستولي على عقلك الآخر، فإنه يذهب بك إلى جبال عالية، تسقطك من عَل ودون هوادة، ولا تجد نفسك إلا وأنت مثخن الجراح، وتسكن هذه الجراح في أعماق النفس، وتظل تطاردك إلى مدى الحياة، ولا تنجو من العقد النفسية، التي تحولك إلى كائن مشوه، فتكون أنت ليس أنت، بل أنت هم، ذلك الشخص الذي يحمل وجهاً غير وجهه. فوجهك هذا ليس وجهك، إنه وجه الآخر الذي استعرته ذات لحظة مباغتة، فأصبحت الشجرة الناتئة بين أشجار أخرى، لا تمت لك بصلة، الأمر الذي يجعلك تواجه الحياة بالشك والريبة والعجز، والنكوص دوماً إلى مراحل ما قبل الفراغ. أنت في قبعة الآخر مثل غزالة برية، في غابة موحشة، تحاول أن تبني قوقعتك من قش الأوهام، تحاول أن تتشبه بالنمر أو الأسد، فتصبح غزالاً بمخالب الأسد، ولكن عندما تواجه مشكلة قد تعترضك في الطريق، لا تفهم كيف تستخدم تلك المخالب، فتضطر إلى خلع المخالب، وما إن تفعل ذلك، حتى يأتيك الأسد أو النمر، فينقضان عليك، وتصبح عصفاً مأكولاً، تصبح لا شيء، تصبح في الحياة عقلاً بلا إرادة، أو إرادة بلا عقل.

ويصدق هنا كلام روسو الذي أشار إلى الإنسان في حقيقته، ابن الفطرة، ومتى ما زاغ بصره، واشتد وطيسه، وارتمى في أحضان إرادة الآخر، فإنه كمن يخلع معطفه في جو قارس، فيموت من شديد البرودة.

الفطرة هي الطوق الذي يحمي الإنسان من نوازع إرادة الآخر، وهي الجدار الذي يمنع قصف الريح، وعصف الأهوال كي لا تطيح بكيانك الإنساني. فالآخر مثلاً يريدك أن تصبح مهندساً وأنت عقلك معلق بالاهتمامات الطبية، ولو فعلت ما يريده الآخر، فسوف تخسر ملكاتك، ولو طاوعت فطرتك العقلية، فسوف تواجه نقمة الآخر، وأنت ما بين بين، مرهون بما تملكه من إرادة فردية، تبعدك عن حفرة الندم والإحساس بالفقدان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقلنا أقل من إرادتنا عقلنا أقل من إرادتنا



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس

GMT 11:39 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كيت ميدلتون توضح تفاصيل اللقاء الأول مع الأمير وليام

GMT 04:07 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات قوية لرئيس بريشيا الإيطالي بسبب بالوتيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates