شكرًا للقبس

شكرًا للقبس

شكرًا للقبس

 صوت الإمارات -

شكرًا للقبس

بقلم : علي أبو الريش

مثل شمس تحدثت إلى الكواكب، وفي مقلتها تدور الأسئلة، كيف تكون الحياة وهي تترعرع بين أشجار الكلمة، وأنهار الفكرة المجللة بالصفاء والنقاء، وكيف يكون الإنسان وهو ينمو على تربة مخصبة بالانفتاح على الآخر، ويفيض بالحب، وسمو المشاعر، ورقي اللغة. مثل غيمة متوجة بالشفافية، جلست بين كوكبة من العشاق، تنثر عطر المعرفة وحميمية اللقاء، والآخرون هم الآخرون، احتفوا باللحظة المباركة، مفعمين بالفرح، مشبعين بالسعادة، وهم يروون جذورهم بعذوبة المصافحة، وجميل الابتسامة، ونبل المنطق.

شكراً سيدي، تلك اللحظات كانت ترسم لوحة فنية لم يبدعها صاحب الموناليزيا، ولم يكتب حروفها ميشال فوكو، أنك وحدك أمسكت باللحظات، وأودعتها في قاموس القيم النجيبة، ومنحت من حولك قدرة استشفاف ما تخبئه الكلمات من نصوع ونبوغ وبلوغ، وأسرجت خيول وعيناك تلامس غيمة باريس، وتنغمس في رذاذ سمائها، وحدك سيدي منحت اللقاء بياض الثلج الباريسي، ونعومة الشتاء في المدينة المنعمة بالجمال، المفعمة بالجلال، وحدك من سلالة الذين عرفوا أن في التأمل عقلاً ينظف مرآته، ليرى العالم بوضوح، ولكي لا يغشي الغبار مقلتيه.
هكذا تأملتك، وأنت تتربع على عرش المحبة بين بنيك، وكأنك سيدي ترى الحقيقة التي لم يرها الآخرون. عشت في تلك اللحظات، وأنا أقترب من هامتك الممزوجة بالعرفان إلى الله، الذي جعلك عاشقاً للكلمة، عاشقاً للحياة من دون قنوط، وأنت تعيش كل أوجه الحياة، لأنها لك كما أنها لنا، وتساهم أنت في نضجها، وتفتح آفاقها وفضاءاتها لكي يدخل الهواء النقي إلى نفوسنا.

اهتممت بالكلمة سيدي، فأدركتها وعندما أدركتها أحببتها، وعندما أحببتها أصبحت أنت وهي واحدا، وهكذا صرت في الوجود واحداً، فامتلأت بالسعادة.

تأملتك سيدي، فوجدت فيك الحقيقة لأن الحقيقة هي الشيء الأصلي، ومن أجل أن تصل إليها، عليك أن تكون أصلياً، وهكذا أنت، هكذا وعيتك، فالحقيقة في الجوهر الأعمق، في وجودك مخبأة كما الحب أنها محض انفجار الحب، وفيضه، تحت الغيمة، فوق الأرض، نمت أعشابنا ونحن نتعلق بالندى مكتوباً بأحرف من ألق المحبين، وشغف الكلمات التي لهجت بها، ومنحتها بريقاً من بريق وعيك، ما يجعلها مصباحاً منيراً، يضيء طريقنا إلى الحياة ويجعلنا نتنفس من حبر الكلمات، أثير وجودنا ووجدنا ولا ينقطع حبل الأحلام ما دامت هناك في العمر نبضة، وفي الكون وميض، وفي الحياة رجال يجعلون من الكلمة نهراً يطرف ماؤه بلمعة الفرح ويستمر مجراه نحو الحقل لتعزف سنابل العشب لحن الخلود، ويرفع العالم النشيد عالياً، الطير، إليك يا الله، كل هذا التبتل، وتلاوة العبارة الجليلة، وترتيل آيات الجمال في كل ما تخطه، أنامل ما عرفت غير الحب، وما تأملت غير زرقة السماء، وحرقة الكلمة.

شكراً سيدي لأنك تحت سطوة البرودة الباريسية، ورعشة الإنفلونزا تجاسرت وبقوة الوعي جئت محملاً بالرسالة الشفيفة والمباركة لتمنح أبناءك منطقة واسعة وشاسعة معشوشبة بالإرادة وحب الكلمة، فهي النبراس، وحارس القيم، وهي المكان الذي تجلس فيه الحياة لتستريح من تعب اللغط والشطط والغلط وما جاشت به عقول المتهورين وكل من غشيته غاشية القنوط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شكرًا للقبس شكرًا للقبس



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates