المتذمرون

المتذمرون

المتذمرون

 صوت الإمارات -

المتذمرون

بقلم : علي أبو الريش

الأشخاص المتذمرون، أصحاب ذوات منطفئة، لا يرون أبعد من أخمص القدم.

هؤلاء يذهبون إلى الحياة، فيتعثرون بأصغر حجر، فهم لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب، هؤلاء أناس يعيشون بلا هدف، فالأهداف بالنسبة لهم مثل الهضاب الرملية العالية، عندما ينظرون إليها، يشعرون باليأس، ويعلقون عجزهم على الآخر، ويقولون لولا هذه الهضاب العالية لكنا أفضل، ولا يفكرون بوسيلة يحلون بها معضلة الهضاب، بل يرمون الآخر بنعوت ما أنزل الله بها من سلطان.

هؤلاء يعيشون حالة الإدانة المزمنة، والقنوط، والإحباط، والسخط، ولا تجد في أعينهم بريقاً، ولا تجد على وجوههم سحنة الانبساط، هم هكذا يوجدون في الحياة مثل قوقعة خاوية، مثل واد أعجف، مثل شمعة نحل ذابلة، مثل كومة قش على تلة عالية، هم هكذا مثل غرفة نوم مهجورة، لا تشم فيها غير رائحة أزمنة غابرة.

الطالب المتذمر يصف المدرسين بسوء معاملته، وعجزهم عن شرح الدروس الصعبة. ويلقي باللائمة على المناهج وينعتها بالمعقدة. الموظف يتحدث عن مسؤوليه وكأنهم أعداء يلقون الأحجار في طريقه كي لا يفلح في إنجاز ما يوكل له من عمل. الابن يلوم والديه أنهما يسيئان معاملته، وهما سبب فشله في الدراسة، وفي العمل، وفي الزواج. الأب يئن حزناً على ابنه الذي لم يشرفه أمام الناس، ولم يحقق ما تمناه منه، بأن يصبح رجلاً مسؤولاً له أسمه بين الأقران، والجيران. الزوجة تشتكي الزوج القاسي، والذي لا يعرف للحياة الزوجية قيمة. الزوج يلوم زوجته بأنها سبب تعاسته.

هؤلاء الأشخاص حتى ولو ذهبوا إلى السوق، فسوف تكون لديهم مشاعر سوداوية تجاه الناس، يتذمرون من الزحام، يتذمرون من ارتفاع الأسعار، يتذمرون من ضجيج أبواق السيارات، يتذمرون من الاكتظاظ، وقلة المواقف.

عندما تنظر إلى هؤلاء الأشخاص تجد أنهم لا يستطيعون أن يعيشوا بدون مشكلة، يتحدثون عنها وعندما يتخلصون من مشكلة، فإنهم يخلقون أخرى، فلا بد وأن يكون هناك من زيت يسكبونه على نار ذواتهم، إنهم متعطشون دائماً لحكاية مأساوية، يمضغون لبانها المر، إنهم يغطون في وحل الوهم الداخلي، إنهم أموات، فقط تأخر دفنهم. ولو تفحصت وجوه هؤلاء، ستجد ندبة واضحة على جباههم، تشير إلى تاريخ طفولي غير سوي، وإلى حروب ماضوية، تتبين آثارها في الجفنين الذابلين، وفي الجبين المغضن، ومخارج الألفاظ المرتبكة. هذه إشارات بينة لتاريخ ملئ بالنقاط السوداء.

فالبيت هو دائرة الضوء، أو السماء المظلمة. علينا أن نختار، ما بين النور، أو الظلام والبداية هي أم صالحة أو طالحة، وأب ناجح أو فاشل. فالعلم في الصغر، كالنقش في الحجر.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتذمرون المتذمرون



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates