بقلم : علي أبو الريش
بالتفاؤل تزهو أحلامك، وتحلو أيامك، ويضاء مناك، وتنسكب أنهارك على عشبك، فتصير دروبك سجادة من حرير، ووجوه الناس في عينيك نجوماً تدلك على الفرح. بالتفاؤل تتحرر أنت من تقطيبة الحاجبين، يكون جبينك كسحر اللجين، لا تتوقف عند كلمة يفوه بها صديق، ولا يملأك امتعاض الآخر بالضيق، لأنك بالتفاؤل تكون أنت النهر الذي ينظف نفسه، تكون أنت الشجرة التي تظلل جذورها، تكون أنت الفراشة التي تلون جناحيها بفسحة الفضاء الوسيع.
بالتفاؤل الزمن في حياتك موجة، تأخذك إلى سواحل البهجة، والسفر المريح، وتكون أنت القارب الذي يمضي الى الأفق بانطلاقة الطموحات الكبيرة، وعناق الآمال المنفتحة. بالتفاؤل تتحرر أنت من لاوعيك، وتصبح أنت في المشهد الإنساني نجماً يضيء ويستضيء، ولا يخبو، ولا تنطفئ أجنحته الناصعة.
بالتفاؤل، الصعبٌ سهلٌ ويسيرٌ، والمطبات اليومية رمال تحت أقدام أفراس جامحة، ومخالب الآخرين ليس إلا أسنان أقلام الرصاص تبريها طاقتك الإيجابية، فتكتب أحلامك بلون لا تمسحها تأوهات من في ضميره كيد أو نكد. بالتفاؤل أنت جمهورية أفلاطونية زاهية بالسعادة ومهما تلعثمت لغة الآخر، تبقى لغتك أبلغ من خيوط الشمس، وأنبغ من بريق النجوم، وأفصح من وشوشة الموجة، وأنبل من رهافة الغاف، وأكثر نجابة من تغريدة البلابل.
بالتفاؤل يأتيك روسو ليقول لك، كن فطرياً، ولا تنشغل بالضجيج ، ويقول لك أوشو، كن عاشقاً، لتعطيك الوردة عطرها، وتمنحك الفراشة رونقها، وتقبلك غزلان الفرح على شفتيك فلا يبقى للتزمت منطقة على فمك، ولا يمكث الحزن في قلبك أكثر من اللاشيء.
بالتفاؤل تستطيع أن تعبر المحيط من دون بلل، وأن تشق قميص الصحراء من دون عناء، وتصطاد العصافير من دون نشاب، لأنك بالتفاؤل تكون الأوسع من المحيط، والأكثر شساعة من الصحراء، والأقدر على السباحة في الفضاء.
بالتفاؤل أنت قامة ومقامة وقوامة، وقيامة، واستدامة، لا تعرقلك مسافة، ولا تعيقك رياح، بالتفاؤل أنت في كل مكان من الوجود، وأنت في المكان توجد كي تظلل الأشجار، وتمنح الطير أجنحة التحليق، وتهدي الصحراء لونها الذهبي البراق.
أنت بالتفاؤل جليل مثل السماء، نبيل مثل الحرية، جميل مثل لغة الفضاء، أصيل مثل فلسفة الحب عند إيكهارت تول.
بالتفاؤل أنت عشبة برية على صهوة كثيب يعانق نشوة العشاق، عند كل قصيدة تخرج من القلب لتصل إلى القلب، أنت بالتفاؤل قطرة الندى على ورقة التوت، تنزاح كي ترشفها شفة الأرض، فتنمو على التراب اللدن سنابل الأمل المضيء.
أنت بالتفاؤل محارة في جوفها روح كائن مفطور على إشاعة السعادة في قلوب الآخرين، ومن دون شروط.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد