بقلم : علي أبو الريش
في الصف الأول.. نحن هنا نقول للعالم بثقة وثبات، إننا امتطينا صهوة المجد وعبرنا ظهر الموجة، ووقفنا عند قمة الجبل وبجوار شرشف الغيمة، والنجمة تضيء طريقنا، والناس من حولنا كواكب. في الصف الأول، تخب ركابنا، وتثب جيادنا وغزلان المعرفة، تقطف عشب النماء، والنوارس تخيط قماشة التألق عند سواحل الأحلام الزاهية.
منذ التأسيس وهذه الإمارات وردة تنثر عبير الهوى، والأحباب يمضون في كتابة القصيدة، ويرسمون لوحة التلاقي، بريشة التلوين والتلحين والتضمين، ويهطلون على العالم مطراً، يغسل الأدران والأحزان والأشجان، وعند ناصية التأمل يقف الشامخون مؤازرين بالإرادة وعزيمة الرجال الأوفياء، ويمضون باتجاه العزة، والكرامة، واثقين ثابتين، وحزامهم قيادة رشيدة، آمنت أن النجاح وليد البذل، والبذل وليد عزيمة، والعزيمة وليدة تلاوة الإرث والأثر، والإيثار والتأثير.
في الصف الأول، في المقام الأول في الفرادة والاستثنائية، في طوق التحدي، في نطاق الطموحات المفتوحة على المكان والوجدان، المنسجمة مع الآخر بكل رصانة واتزان، بكل أمانة وأمان، فهذه مراكبنا تشق العباب، وسارية السلام عنوان وصولجان، والشراع هذه الأحداق تطل على النواصي والأفق، تتدفق وعياً كونياً، يفرش سجادة التطلع بلا ريبة أو تخمين، لأن الحلم أوسع من ملاءة السماء، أكبر من أشجار المحيط، وأعلى من شفة الحبال.
في الصف الأول، تتوسع الخطوات، والمسافات تقترب كلما حدق المخلصون ووثبوا، المسافات تضيق، كلما مد العشاق الأشرعة، ونصع البياض، وازدادت المصابيح ضياء، واتسمت الأرجاء بشيمة الانتماء، وشكيمة النجباء، وصار الوطن قصيدة، أبياتها من شفاه، تلهج بالتوق إلى ذاك المضيء في السماء إلى أخلاق القمر، وقيم الكواكب السابحة في بحر التاريخ في الصف الأول، وفي المدار تخيط الشمس قماشة الحلم، وحرير الأحلام يتشح بوروده الزاهية، والوطن ينث ويحث ويبث، ويسكب عذوبته عند المرابع والمحاضر وسنابل العشب، العازفة على وتر النمو والانتماء.
في الصف الأول، ونقطة التحول منذ البدء، ولا نهاية للطريق، لأن العشاق لا يكتفون بكتابة قصيدة واحدة، ولا يكتبون إلا بحبر القلب، والنقاط على الحروف نبضات تهفهف على رؤوس الذاهبين إلى النبع بجرارة المعرفة، الماشين على الرمل بسنابك لا تمل ولا تكل، بل هم في الوطن رمانة الميزان، هم لحظة الحقيقة، هم نقطة الاتزان.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد