لماذا تتوحش الدروب

لماذا تتوحش الدروب؟

لماذا تتوحش الدروب؟

 صوت الإمارات -

لماذا تتوحش الدروب

بقلم : علي أبو الريش

كن واحداً تكبر، كن كثيراً تتبعثر. كن مرناً يطل أمدك، كن صلباً تتكسر. هكذا نحن نطالب بالكثرة في احتياجاتنا فنتعب، ونغضب، وننجب الفراغات في دروبنا ونحن نمضي في الحياة، فنشعر بالانكسار كلما كشر الوجود في وجوهنا، نشعر بالنكوص كلما خف وزن ما نملكه، نشعر بالانقباض كلما شحت اليدان، وهكذا تتراكم كمية هائلة من الغبار على أرواحنا ونصبح كومة تالفة، تافهة، نصبح لا شيء عندما نجد العالم من حولنا مقطب الحواجب، ولا يلتفت نحونا غير الأصغر منا وبهذا يصير وجودنا في العالم عملة زائفة، أو أحفورة عدمية لا قيمة لها غير أنها تحتجز مكاناً فوق الأرض.

الأزواج في صراع أزلي فيما بينهم، لأنهم أقل من مطالبهم، والأبناء في إحجام، وإقدام فيما بينهم، وبين آبائهم، لأن المدهشات أضخم من مدى ما تستوعبه الأفئدة، ولأن ذات اليد أصغر بكثير مما هو معروض على مستوى الخارج، الأمر الذي يجعل الصراع الداخلي يتفاقم، ويتورم، ويتضخم، ويحتدم، وتصبح النفس البشرية ملتهبة كألسنة النار، والعقول تكتسي رداء سميكاً بحيث لا تميز ما بين الألوان، ولا الأشكال، نرى ذلك كله يحدث عندما تلتقي بشخص في سن الزهور، ولا ابتسامة على محياه، ولا صفاء في عينيه، لأن هذه السمات الخلقية اختفت تحت جبال من نفايات المطالب التي ليست بوسع شخص ما تحقيقها.

اليوم الأشياء متسارعة في تغيرها هي هكذا مثل دورة الأرض حول الشمس، هي هكذا مثل حركة عقارب الساعة في الدقيقة الواحدة، فمن أين لشخص في ريعان الشباب أن يتواكب مع هذا الدوران حول المركز؟

الآن من الصعب أن تجد شخصاً ما يقول لك أنا سعيد، على الرغم من توفر كل مستلزمات الحياة الأساسية له، لماذا؟ لأننا لا نكتفي بالجوهري ولأننا نتطلع إلى ما بعد الجوهري، وما بعد الجوهري هو ليس في متناول اليد إنه في المناطق الأبعد ونحن لا نكف عن السباحة في البحر المسجور، نحن نريد أن نعبر النهر من دون قوارب نجاة نحن نكابر، ونفعل مثلما فعل فرعون، نريد أن نقفز إلى السماء بحبال مهترئة نريد أن نطير بأجنحة مزيفة مثلما فعل عباس بن فرناس، ودائما ما تقع، وتتكسر الأجنحة، ونتحطم نحن لأننا لم نقتنع بالممكن، وطرنا فجأة إلى المستحيل.

يا له من متخيل فج، نسلك منهج بطلينوس الذي قال إن الأرض هي مركز الشمس. مجازفة كلفت الإنسانية عقدة ذنب لم تمحَ آثارها حتى كتابة هذه السطور.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
 نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تتوحش الدروب لماذا تتوحش الدروب



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates