الفزعة

الفزعة

الفزعة

 صوت الإمارات -

الفزعة

بقلم : علي ابو الريش

في الماضي كانت الأزقة تمد سواعدها لتطل البيوت على بعضها البعض، ويتلمس الجار حاجة جاره، فما أن يئن قريب حتى تتداعى له سائر الأفئدة لرفع الضيم وكشف الهم ورفع الغم ومنع السقم. كانوا يهبون هبة رجل واحد إذا ما ألمّ مكروه بصاحب أو صديق، ويثبون كالجياد في رفع الحمل الثقيل عن ضعيف كلّت قدرته عن حمل ما لا يستطيع حمله، كانت ركابهم تخب باتجاه من يستغيث، ومن يطلب العون والمساعدة، وكانت (الفزعة) سمة من سمات أهل النخوة والشيم الرفيعة، فتأتي الريح، وتطيح بسقف الخيمة، وتخسف بجريدة الفناء، ولكن السواعد السمر كانت الأوتاد والعماد لدرء الخطر ومنع النذر، وكبح جماح الحاجة عن كل مستضعف، كانوا بهمة البنيان المرصوص، يعيدون المياه إلى مجاريها، ولا يدعون خاطراً مكسوراً ولا قلباً محسوراً، كانوا البيان والبنان، الذي يشير إلى مجتمع الأحلام الزاهية، والأمنيات الثرية بقيم الناس الأوفياء، اليوم والوطن يذهب إلى مناطق تتسع فيها تضاريس الطموحات، وتكبر أشجار النمو الاجتماعي، فكان لابد من رسم صورة (الفزعة) على شكل يلائم المرحلة، ويتناسب مع احتياجات مجتمع التنوع الثقافي، فجاءت فكرة التكافل الاجتماعي لتعبر عن نفس فكرة الفزعة، ولكن بصيغة الحاضر الذي لم يجنح وإنما يطمح لأن تكون العلاقة بين الأفراد ضمن منظومة تسير في حياة الناس، مثل ما هي المجموعة الشمسية المحروسة بقدرة الخالق الباري، ولأن الإنسان هو خليفة الله في أرضه، فإن القوانين التي تصدر عنه إنما هي قوانين منحتها السماء للإنسان كي يمضي في حياته ضمن أسس موضوعية، وثوابت علمية وقيم لا تخالف المآثر، وإنما تطورها وتزهيها بقناديل العلم، وتعبقها بعطر الأفكار المجللة بوعي الناس ورهافة مشاعرهم، وشفافية أحاسيسهم وحيوية ثباتهم، نحو كل ما يخدم المصالح العامة، ويحفظ مكتسبات الوطن، ويحمي المواطن من العوز وشظف العيش.

الفزعة هي الشجرة التي نمت وترعرعت وأزهرت وأثمرت، وأنتجت فكرة التكافل الاجتماعي في بلادنا، حتى أصبحنا بلد الانتماء إلى السقف الواحد الذي يمنع اللظى عن الكل، ويدفع الأذى عن المجموع، ويجعلنا جميعاً في حياض تحميها الألفة، وتطوقها قلائد المحبة، أصبحنا اليوم في خيمة عوارضها من ذهب النفوس الأبية، وأوتادها من عقيق القلوب الوفية، ونسيجها من حرير العادات التي لم يبرح مكانها إلا وهي ترفل بسندس القديم وإستبرق الجديد، وها نحن ما بين النهرين نروي حكايتنا مع الرقم واحد في كل شيء.

المصدر : جريدة الاتحاد

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفزعة الفزعة



GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

العودة للمدارس

GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

هلا.. بالمدارس

GMT 13:45 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

لأمهات الشهداء.. ألف.. ألف تحية

GMT 13:44 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

وقل "ليتني شمعة في الظلام"!

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates