لماذا لا نغني معاً

لماذا لا نغني معاً؟

لماذا لا نغني معاً؟

 صوت الإمارات -

لماذا لا نغني معاً

بقلم - علي أبو الريش


برجاء حار، فلنغن معاً، ونطرد الشيطان بتعويذة، قالها الطير يوماً وهو يقف فوق غصن أجرد، ولم يمنع رؤيته الآخر ورق، ولا أرق، بل كان وحيداً بين الرفرفة والتحليق، يسكب بوحه في الوجود بأريحية وعفوية ونقاء من غير علامات مضببة، في شارعه الكوني الفسيح.

الغناء مثل الموجة، تنظف سواحل القلب، وتوشوش للمحارات، كي تصحو باكراً، وتذهب إلى الماء، قبل أن يجف الرمل.

الغناء مثل الحلم يعيد ترتيب مشاعرنا، بعد أن بعثرها الكبت، وسامها الحزن المتوارث، سوء العذاب.

الغناء مثل النسمة، تزيح عن وجوهنا الغبار، وتملأ الجعبة صفاء، وتنبت وريقات الأمل في تربة القلب.

الغناء والحب، شيئان لا يقاومان، وإن فعلنا عكس ذلك، فنحن نخالف طبيعتنا، ونمضي بأعمارنا نحو فم الوادي الذي يأخذنا إلى مكان في الوعورة، فلا ننهض ولا ننام، نظل هكذا مثل السعفة في وجه الريح.

الغناء مثل قلب امرأة جميلة، عندما يصفو، تبدو الحياة مثل النهر، ونبدو نحن مثل الأشجار، نرتوي فتسمق جذوعنا، وتورق أغصاننا، وتتورد ثمراتنا. 

ولو تخيلنا أن العالم اتخذ عهداً على نفسه، وقرر أن يغني، ولم يبق بيت، أو زقاق، أو حي، أو قرية، أو مدينة إلا ورفعت فيها الأغنيات، واشتعلت عناقيد الأوتار الصوتية بأغاني الفرح، وشاعت بين الناس فكرة، «أن من لا يغني لن تكتب له جنة الحياة».

مجرد فكرة، لو جسدت على تراب البشر، لانتهت الحروب، وتلاشى الفقر، وماتت الأمية في أحضان كتب الفرح، وفُني الحقد، وذهبت الطائفية، والإثنية، والعرقية إلى الجحيم، منذ أن تصورنا أن الغناء فاحشة المنحرفين، ونحن نعاني مأساة وجودنا الخاوي من المعنى، ونتجرع حزن الفراغ اللامتناهي، ونقاسي محنة الورم الخبيث الذي اسمه «الفقدان التاريخي».

قلوبنا تنبض منذ الأزل، وهي لا تجد الصدى في نفوسنا، والطير يغني، ولا يجد غير تهكم الضفادع، وهي تنق، وتهق، ولا جدوى من الصداح إذا ناح، ورفع الهديل لأجل أن تبقى الأشجار واقفة، ولأجل أن تظل الكلمات لها معنى، والقصيدة مزدانة بعذب البوح، ونزاهة المنطق.

في الأغنيات.. لهج ومهج، تفتح للأفق مدى أوسع، كي يحضر الوعي، ويوسع الإدراك من جيب قماشته، لعلنا نخرج من سوء النية، ونصدق، فالوجود هو صدق في الموقف، وحسن نية في تعاملنا مع الحياة.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن الأتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا نغني معاً لماذا لا نغني معاً



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 10:54 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

غوغل تُتيح فتح الحسابات بـ"بصمة الإصبع" دون كلمة مرور

GMT 05:32 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

الملابس المزينة بالسلاسل الذهبية لإطلالة أنيقة في 2019

GMT 02:55 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح معرض الكويت الدولي الـ39 للكتاب الأربعاء

GMT 21:02 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

وفاة والدة عبد الفتاح الجريني بعد صراعٍ مع المرض

GMT 06:08 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

منصور بن زايد يصدر 4 قرارات مهمة في نادي الجزيرة

GMT 03:05 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

رواية "كاراكاس" رحلة بين الثقافتين المصرية والفنزويلية

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

محكمة الأسرة تشطب دعوى تمكين أحمد الفيشاوي من رؤية ابنته

GMT 23:41 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

"آبل" تحضر لمؤتمر WWDC 2013 بتعليق لافتات عن "iOS 7"

GMT 17:32 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

خالد الجريسي نائبًا لرئيس اتحاد الفروسية

GMT 13:50 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ محمد بن زايد يأمر بتحديـث سياسـات الإسكان

GMT 17:00 2013 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

إطلاق أوبريت "القدس أرض الأنبياء" من بيروت

GMT 21:06 2017 الجمعة ,21 تموز / يوليو

كريم أكروف يقدم تشكيلة من الأزياء الجزائرية

GMT 20:06 2013 الإثنين ,26 آب / أغسطس

صدور كتاب "حكايات عابر سبيل" عن دار المصري

GMT 22:18 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

ظاهرة فلكية غريبة ترصد لأول مرة على كوكب المريخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates