بقلم _علي أبو الريش
إذا سألك أحد هل تحبّني؟ فاعلم أنه شخص أناني. فأن تحب من أجل الحب وبدون شروط، فتلك هي الفطرة. تلك هي خاصية الحب. تلك هي الحقيقة التي لا تقبل الأسئلة.
الحب هو الكائن الوحيد الذي يأتيك من دون أسئلة، وبلا علامات استفهام. أنه يكمن في الدهشة، إنه قادم من علامة التعجب والاندماج في الأشياء لأنها تكمل دورة الحياة في داخلك. الأنانيون وحدهم الذين لا يقدمون على الآخر إلا بشروط، أنهم يضعون المقدمات للحب والأفكار تسبق لديهم ذلك الكائن الشفيف الذي ينهمر مثل الشلال في القلب، ولا يحتاج إلى إذن أو ترخيص من جهة ما.
الاندماج في الآخر، والتناغم مع الآخر لهو قدرة تفوق التفكير وتتجاوز العلامات والإشارات، وتتفادى كل ما يعرقل المياه الجارية في جدول الماء.
عندما يتحول الحب إلى مقايضة وتبادل، يفسد ويصبح مجرد عاطفة جاءت من عوالم غير الحب، الحب يأتي من مكان واحد هو القلب، وعندما لا يكون القلب منشغلاً، بغير الحب، يصبح الحب صافياً، وتصبح العلاقة مع الآخر مثل علاقة الفراشة بالوردة مثل العلاقة ما بين الكواكب، إنها موجودة منذ ملايين السنين، لم يتوقف كوكب عن الدوران في محوره، ولم تطفئ الشمس أنوارها، ولم يحجب القمر ضوءه، كل هذه الكواكب والنجوم، تسير عبر مسار الحب الذي جاءت منه.
في العلاقة البشرية، توضع قوانين تحدد مستوى هذه العلاقة، وتوضع ضوابط، وثوابت، ولولاها، لاختفت العلاقة، وانزوى البشر، كل في زاويته القصية، الأمر الذي يجعل هذه العلاقة مهددة بالتفكك، والانفلات إلى مناطق متفرقة، لأن الشروط تسبق بناء العلاقة، ولأن الشروط مرتبطة بالمصلحة، فهي مهددة في أي وقت، لأن تصبح علاقة واهية وبلا مغزى.
ما يحدث من طلاق عاطفي، بين الأفراد، هو نتيجة للعلاقة المشروطة، العلاقة القائمة على الشيء والمقابل، علامة مبنية على الأنا والأنت، وما دام هناك فريقان وضدان، فلا يمكن أن يلتقيا إلا بوجود الرابط، وهي المصلحة، وطالما وجدت المصلحة، تنتفي العفوية، والحب هو العفوية، والبراءة، ونقاء السريرة، ونظافة غرف العلاقة من آهة الأنا التي تخرج من كوخ القفص الصدري، لتعلن أن هناك مطلباً، وأن هناك سؤالاً يدور في كواليس عواطف لم يكتمل نضجها بل هي في مرحلة التكون الأناني، هي مشاعر ما قبل الحب، وما بعد الاحتباس الحراري الذي يصيب الأنا عندما تكون في الكهف المظلم.