عندما تكبر الأنا تتوسع حدقة الخيانة

عندما تكبر الأنا تتوسع حدقة الخيانة

عندما تكبر الأنا تتوسع حدقة الخيانة

 صوت الإمارات -

عندما تكبر الأنا تتوسع حدقة الخيانة

بقلم : علي ابو الريش

نتوق إلى التمركز حول الذات، ونسعى إلى تضخيم الذات، ونعمل على وضع الآخر في خانة الضد، ونمتنع عن التداخل خشية التلاشي، ونضع الحواجز لكبح اختلاط الماء بالماء، ونبني جسوراً عالية كي لا تطل علينا عيون الغير.

هذا هو ديدن كل من يريد أن يقول أنا ومن بعدي الطوفان. هذه سجية كل محتقن مريب وكل منان، مناع لخير الاندماج، وكل مشاء بنميم، وعتل زنيم. خيانة القريب، أو خيانة الصديق، أو حتى خيانة وطن، تبدأ من تورم الأنا وتأزمها، وتفاقمها، وتقيح جلدها، بحيث تصبح كرة جحيمية حارقة إلى درجة الإفناء.

عندما تصبح الأنا هكذا مثل بيت من السعف، احترقت أركانه، يلجأ الفرد إلى انتحال شخصية غريبة وعجيبة، وتحت مسميات وأوصاف مختلفة، لكي يمرر مشروع الأنا المأزوم، ولكي يتخلص من عذاب الضمير، ولكي يبرر لنفسه ما يرتكبها من جرائم كارثية بحق الآخر.

الذي يخون صديقاً يبني خيانته على مسوغات أن هذا الصديق لا يؤتمن له، وبالتالي لا بد من القضاء عليه قبل أن يقدم على فعل ما يضر بالفرد. ومن يخذل قريباً، فإنه يسف من المقدمات ما يجعله يفسد كل القيم الإنسانية التي تربطه بهذا القريب، ويفعل فعلته وهو مرتاح الضمير. ومن يتجاوز حدود القوانين والأعراف والثوابت، يقوم بزرع أشجار الخيانة الشوكية، ويلصق كل الاتهامات بالوطن ليمرر مشروعه الخياني وهو هادئ البال، ولا يشعر بوخزة قلب، أو ومضة عقل تشير له بوجود الخطأ، ولكي يتمم فعلته المشينة، فإنه يلبس انحرافاته بلباس الدين أو الأخلاق، ويعمل على ذلك، وكأنه إبراهيم عليه السلام الذي حطم الأصنام.

والغاية في النهاية، إشباع رغبة الأنا التي انفصلت عن الواقع، وأصبحت كوناً مستقلاً عن المحيط الاجتماعي، وصار الفرد ينزع إلى التخندق عند ذات تكورت مثل شمس أصابها الكسوف، وتغطت بهالة شمعية قاتمة، بحيث لا يرى الفرد إلا نفسه، والعالم من حوله مجرد قصاصات ورقية تالفة لا معنى لها، ولا قيمة.

اليوم نشهد الخيانات على مختلف أشكالها، تمزق قماشة الحياة، وتحولها إلى خرق بالية، مرقعة لا تستر عورة، ولا تخفي تجسداً، اليوم نرى هذا التدفق في خيال الخائنين، يمضي مثل حثالة الماء في المستنقعات، ونرى كيف تحترق أوطان، وكيف تموت أعشاب، وكيف تذبل زهور، وكيف يتشرد بشر، وكيف تصبح الأوطان مثل قرى بدائية، لا يسكنها غير المشعوذين، وتجار الخردة السياسية، كل ذلك بيد أنا اتسخت بالأنانية.

المصدر : جريدة الاتحاد

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما تكبر الأنا تتوسع حدقة الخيانة عندما تكبر الأنا تتوسع حدقة الخيانة



GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

العودة للمدارس

GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

هلا.. بالمدارس

GMT 13:45 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

لأمهات الشهداء.. ألف.. ألف تحية

GMT 13:44 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

وقل "ليتني شمعة في الظلام"!

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates