علي أبو الريش
في كارثة نيبال، وأثر الزلزال العنيف الذي ضرب تلك المنطقة الجبلية، هبّت الإمارات عوناً وصوناً لآلاف المشردين، والذين لم يبق لهم غير «قرى الثلج»، وسارت قوافلنا الإنسانية ممثلة بمؤسسة خليفة بن زايد الإنسانية، ومؤسسة محمد بن راشد الخيرية وهيئة الهلال الأحمر، ساعين إلى تخفيف الآلام وتضميد الجراح، ورفع شظف العيش عن أولئك المتضررين، وهذه هي سجايا الإمارات وقيم أهلها ونخوة قيادتها، دوماً في صلب الأحداث، لرفع الضيم وكشف الهم عن كل إنسان في أصقاع الأرض، من دون تمييز بين دين أو عرق أو لون، فالهدف هو إنساني بالدرجة الأولى، فمنذ اليوم الأول لوقوع الكارثة، حزمت قوافل الخير الإماراتية حقائبها، وشدّت الرِّحال، وبسرعة فائقة لأجل تحقيق الهدف، وهو سرعة الوصول إلى أولئك الناس، وقبل أن يفوت الأوان، فالمكان مقطوع الصلة بالعالم، والثلوج تغطي المنطقة ولا لحاف ولا مأوى غير البرد القارس، والسقف عراء الفضاء.
كان لابد أن يكونوا في الوقت المناسب والمكان المناسب، وكان لابد أن تلبي قوافلنا توجيهات القيادة وأمرها السامي، بأن مؤسساتنا الخيرية هي أول طيور السلام التي تهبط في المكان الذي تحصل فيه مثل هذه الكوارث، واتخاذ الإجراءات اللازمة، لمنع تفاقم العوز، وتضاعف أعداد الضحايا، وأثناء وبعد الكارثة، سمعنا الكثير من القصص الإنسانية التي يتفطر لها القلب، وتفجع النفس، وتشخب الروح، فهذه المناطق من العالم هي في الأساس مناطق شحيحة فقيرة، وعندما يحل بها أي طارئ مؤسف فإنها تعاني أشد المعاني، وتواجه وضعاً مأساوياً لا يطاق، لذلك فإن وثوب جياد الإمارات باتجاه المناطق المنكوبة، يعطي بعداً إنسانياً رائعاً، ويؤكد أن دولة الحب والسلام، هي علم من أعلام المودة والوئام، هي طائر الشوق المحدق باتجاه الإنسانية، بعينين تشعان ببريق الوفاء والانتماء إلى هذا الكون، وإلى كل الناس، إلى كل الأجناس، فالأساس هو التوجه إلى الإنسان بتعاون مع الجميع على البر وعلى التقوى، وعلى كبح جماح الفقر والمرض والجهل، والحقد ونزيف الكراهية والضغينة.
الإمارات دوماً، هنا وهناك، وفي كل مكان، هي النهر الأبدي، يصب إلى الأزل.