علي أبو الريش
الهجوم البربري لداعش على مآثر وآثار ومؤثرات الموصل ما هو إلا نتيجة مباشرة، لنسق فكري قام في الأساس، على تهشيم كل ما يمت إلى الحياة بصلة، وتحطيم كل ما يرتبط بثقافة الناس، وحضارتهم وقيمهم ومبادئهم.
من شاهد ما تفعله معاول الهدم، في التماثيل والتحف الأثرية في موصل العراق يشعر بالاشمئزاز، بما يفعله الابتزاز الداعشي، وبما آل إليه حال العرب والمسلمين، عندما تشذ فئة النار وتخرج عن النص الحضاري، والديني وتبدو وكأنها فئة من جرذان المستنقعات تكسر وتفجر، وتدمر، وتؤطر لنفسها واقعاً غير الواقع الإنساني، وتسطر في التاريخ، مرحلة من أسوأ مراحل الإنسانية، وتجذر أفكاراً نتنة عفنة لا تصلح إلا أن تقذف في سلة المهملات، لأن مثل هذه الأفكار لا تعبر إلا عن قدرة فائقة في الغباء وطاقة لا مثيل لها في الاستهزاء بتاريخ حضاري أشع سماء الدنيا وعلم الناس النون والقلم نشعر بالأسى أن يقع العراق، في قبضة الجهلة وأن تتوارى حضارة الآلاف من السنوات خلف حجب سوداوية بغيضة ورخيصة أصحابها دأبوا على تفجير الحياة، وبث الدخان الأسود كبديل لضوء العلم والفكر المستنير.
نشعر بالتقزز ونحن نرى أمام أعيننا منجزات حضارية تتساقط على أيدي المجرمين، والذين يفعلون ما يفعلون، بوازع من ضمير، حيث دوافع من أفكار سوداوية، مهزومة، وما الهدف النهائي إلا تنفيذ رغبة مكبوتة في تحويل هذه البلدان التي تربعت دهراً على أنهار من العطاء الحضاري، إلى بقايا أوطان مفتتة، مشتتة، ضعيفة متهالكة تعشش فيها الأمية والمرض والفقر.
نشعر بالاستفزاز جراء هذا الهدم المتعمد، لبلد مثل العراق، هذا العراق الذي أشعل مصابيح العلم، في زمن كان الآخرون يغطون في سبات عميق.. لهذا نقول، فإذا كان العالم جاداً في محاربته للإرهاب فعليه أولاً إنقاذ آثار العراق من الهلاك، ودحر هذه الطغم الفاسدة وتجفيف منابع دعمها، ومواجهة الداعمين، بعيداً عن المجاملات والمصالح، التي كانت السبب في تغييب الكثير من المبادئ السامية.