علي أبو الريش
الأديب الجميل، محمد المر، كان إشراقة «خلوة المائة»، وشمسها البهية، بأسلوبه السردي، الرائع، نثر على الحضور ورود التاريخ، ودروسه المعطرة، برائحة «العبرة» وأيام التصوف البحري، عند شواطئ المراحل المبجلة.. ألقى المر درسه وكنا آذاناً صاغية وعقولًا يقظة، وقلوباً طوت عباءة الصبح البارد، واتكأت على أرائك الكلمات المعبرة، عن تجربة ثرية زاخرة بالمعاني والدلالات والأثر، وحدد معاليه معالم المرحلة المقبلة، تحت سقف أسرة مزدهرة بالقراءة، ومدرسة وعاؤها مليء بحكمة التلقي وموعظة الإبداع في النهل من سهل الكتاب، وعشبه القشيب، ثم عرج إلى الإعلام، كطائر بأجنحة الوعي، وشجرة بأوراق النمو والازدهار.
وهكذا كان لسرد المر لغة الأديب، وشفافية القارئ الجيد، وعفوية العقيدة المزدهرة بأثمار المناطقة الذين أسسوا لعصر تنويري أمتع وأبدع، وأسرع في نهوض الإنسان من غيبوبة عصور ظلامية إلى زمن يسير بعجلة التكنولوجيا بسرعة الريح، ونث الغيمة الممطرة، ورائحة الحقول المزهرة.
في هذه المحاضرة، المستخلصة من تجربة الكدح اليومي، وقراءة الفصول الأربعة بحدقة القلب، ومصباح العقل طال بنا السفر في رحاب فكر محمد المر، وفضاءاته القصصية، وأفق الأحلام الواقعية ومنطق البناء الاجتماعي، المعمد بالقراءة، ومجالسة خير صديق..
في هذه المحاضرة أسعدنا محمد المر، ولون أرواحنا، باللغة السردية المنفتحة على الواقع، الذاهبة في تلابيب العمل الوطني، نحو مدارات عصفها الذهني هو الأساس، وهو الجوهر والمحور، وهو في كل ذلك المسافة القريبة جداً، من وجدان كل مثقف محب لهذا الوطن وأهله، كنا بالفعل في صمت الاستماع، نخطو مع محمد المر، خطوات باتجاه السعادة، في وطن أسعدته قيادته وهي تسير بالسفينة نحو أمنيات وطموحات باتت أقرب إلى التنفيذ في ساعة حزم وحسم وجزم، ساعة كان فيها اللقاء مع صاحب المثل والإنجازات الباهرة، شيئاً يطوق الروح بقلائد سلسالها من قصائد موزونة من بحر الموجة الموشوشة، مقفاة بقافية الحاء والباء، وما بينهما إنسان إماراتي، نخوته الوفاء، وشيمته الانتماء إلى وطن حبيب وقيادة محبة.. محمد المر، كفى ووفى، بقصة قصيرة مكثفة وافية شافية، أثرت وجداننا، وأغنت عقولنا، ونحن في السياق تطربنا كثيراً هذه التغاريد، من قمم الأشجار الباسقة.