علي أبو الريش
ثلاثة عقود ونيف مرت على تأسيس مجلس التعاون الخليجي، ومع التأسيس وخلاله، تجاوز المجلس عقبات وعثرات وثغرات، وواجه أحداثاً جساماً، مرت على المنطقة وحولها، وقراءة التاريخ تثبت أن هذا المجلس، على الرغم من كل تلك الملفات المعقدة والشائكة، هو خيمتنا ولا خيمة إلا خيمته، وهو ظلنا ولا ظل إلا ظله، وهو السقف الذي تحته تتفيأ قلوبنا، والطموح يدعونا إلى التفاؤل دائماً، وإلى وضع الأمنيات موضع الرمش من العين.
نحن أبناء هذه المنطقة الحساسة وهي ثغر العالم وشفتاه ولسانه، منطقة تدور حولها وعليها وإليها مقل الكون، نتمنى دائماً أن يخرج مجلسنا من مراحل التأسيس إلى منازل التكريس، ووضع الأولويات أمام كل دولة من دوله، وأن يصبح التعاون تلاحماً ودخولاً في مرحلة الجسد الواحد الذي يعتني بأعضائه من دون استثناء أو نسيان لجوهر هذا الجسد.
خليجنا واحد، ليست جملة طارئة في حفل مناسبي، وإنما هي تعني بدلالاتها أن هذا الوطن الخليجي بحر من ملح الدماء الذكية التي روت مجراه ومسعاه، وأن أرضه من ترائب الأجساد التي نزفت عرقاً، وهي تخوض غمار الصحراء بحثاً عن وجه النهار.
خليجنا واحد، مهمة الجيل الحاضر بأن يبني على ما وضع لبناته الجيل الذي سبقه، ولا مجال للالتفات يميناً أو يساراً، لأن المصير واحد، والمستقبل واحد، والمهددات كثر، والعيون المتربصة والحاقدة والمغرضة كثر، ولا نصر على الشر إلا بتشابك الأيدي، وتعانق الأفئدة واتحاد العقول، لا ظفر بالسلام للجميع إلا بقناعة الجميع أن من يخرق جزءاً من القارب إنما يفعل ذلك ليغرق الجميع.
خليجنا واحد، من البحر حتى البحر، ومن الرمل حتى الرمل. وكوننا نعيش في زمن تاهت فيه بوصلة الحب في العالم علينا أن نؤكد للطامع والجامح أننا أجساد بقلب واحد، وعقل واحد، ورؤى قد تتشعب خيوطها إلا أنها من قماشة واحدة، قماشة الخليج العربي الذي يشق «خيرانه» في شواطئ الوريد وعند موجة سكنت في الشريان.
خليجنا واحد، وسيظل واحداً إلى الأبد، لأن ما يجمعنا هو الدم، والدم لا يصير ماءً، خليجنا واحد، وحبنا واحد، والطريق معبد بالآمال والأمنيات، الطريق جاهز، لأن تصبح أسماك البحر زعانف لطموحاتنا، وأنفاسها هواء نقي، يصب في صدورنا.
حمى الله خليجنا وحفظ أهله وقادته من كل سوء ومكروه.. حمى الله الخليج العربي من كل نمام ومعتد أثيم وكاره لئيم.