علي أبو الريش
كل ما يمكن أن يجعلنا أقوياء متوافر وثري، يجري في الدماء كما تجري المياه في شرايين الأرض، إلا شيء واحد.. الصوت.. الصوت العربي خافت ومخبأ خلف شاشات خجولة لا تكاد تتعدى غرف الجلوس أو صالات الأحاديث الودية، بينما نجد آخرين استطاعوا أن يدفعوا بأصواتهم المسمومة إلى فضاءات ضجت وعجت بالأكاذيب، ولكن العالم لا يستمع دوماً إلا إلى طرقات الأخف الثقيلة.. الآن وبعد مضي سنوات عدة من الخريف العربي، وجدنا كيف أسهم الإعلام في نشر الادعاءات، وكيف أوصدت الكثير من الدول الإقليمية الأبواب علينا، واستطاعت هذه الدول أن تسرح وتمرح وتملأ الدنيا زمجرة، متكئة على أكاذيب وحكايات تاريخية أشبه بالخراريف، ولكن عدداً لا يستهان به من شعوب العالم صدقوا هذه الكذبة وزحفوا خلفها مسربلين بالسذاجة تارة، وبقوة التأثير للآلة الإعلامية تلك تارة أخرى.
الدول الإقليمية استغلت ضعفنا وتشتتنا أولاً، ثم وهن الآلة الإعلامية لدينا، فانهالت علينا وتكالبت على أراضينا، فتارة تستخدم الطائفية، وتارة أخرى تشهد سلاح الحرية، ونحن نعيش فقط على ردود الأفعال دون أن نواجه الكر بالكر، بل نفر من أول وهلة ونستعين بالصمت كخير وسيلة للدفاع، حتى بلغ السيل أضراس الوديان، فانتبهنا أن في الأمر جللاً يهدد مصيرنا.
الآن تؤكد عاصفة الحزم أن القوة في التعاضد والتلاحم العربي، ولكن هذا يحتاج أيضاً إلى قوة صوت ترفعه أجهزة إعلام قادرة على المواجهة، فإذا كانت وسائل إعلامهم مجندة لهدم كل ما نبنيه، فإن بعض وسائل إعلامنا مشغولة في هذه الأيام بالمسلسلات والبرامج التي لا تقدم شيئاً.. فالعالم العربي أمام أحد خيارين، فإما أن يبقى أم ينسحق تحت سنابك إعلامية شرسة، وإذا أردنا الحياة، فيجب على وسائل إعلامنا أن تقدم شيئاً يضيف إلى رصيد البواسل الذين يضحون بالأرواح من أجل المصير، ومن أجل الحياة، ومن أجل سلام الناس جميعاً.. على الإعلام أن يقوى كما هي قوة إرادتنا السياسية والعسكرية في مواجهة الأشرار وتجار الموت.