ماذا لو غاب الحقد

ماذا لو غاب الحقد؟

ماذا لو غاب الحقد؟

 صوت الإمارات -

ماذا لو غاب الحقد

علي أبو الريش

يقول إيكهارت تول في كتابه «أرض جديدة»: «لو تخلص الإنسان من الضجيج الداخلي لانتصر على الحقد»، ويقول روسو: «الأفكار المسبّقة مفسدة للعقل»، ما بين تول وروسو، هناك ضجيج، وهناك عجيج، وهناك فكرة فاسدة أيقظت حزناً تاريخياً لدى بعض الفئات، ما جعلها تستفيق على حالة انشطار في النفس، وتدهور في العقل، وفراغ في الروح، الأمر الذي أدى إلى هذا السيل الهائل من الحقد والكراهية، والإحساس المزري بالضغينة تجاه الآخر والاغتراب عن المجتمع. ولا يمكن للفرد أن يتصالح مع نفسه طالما عانى من هذه الشروخ في الداخل، وطالما عاش في جحيم التمزق في المشاعر، ولكن كيف السبيل للخلاص من هذا الانهيار؟ أعتقد أن الإنسان بإمكانه أن يقوم بنفسه ومن دون اللجوء إلى معاونة الآخرين، في تدريب النفس على التصالح، وفي تفريغ تلك الشحنات العدوانية، وإحداث الفراغ الذي منه ينبع الماء العذب.

يقول الحكيم الهندي أوشو: إن التربة لا تعطي ما تختزنه من عذوبة إلا بإحداث ذلك الفراغ في الأرض، ليتدفق الماء السلسبيل، ويعيش الإنسان في حالة الإرواء. وكذلك النفس البشرية، ونتيجة لتقادم التاريخ البشري، فإن هذه التراكمات أنتجت هذا الزحام بين الشوائب والخرائب ما يستدعي من الإنسان أن يقوم بين فترة وأخرى، إلى تفريغ هذه المخلفات التاريخية، وإلى تنظيف سجادة القلب من الغبار العالق بها.

نحن بحاجة إلى النظافة، نظافة النفس، كما هي حاجتنا إلى نظافة الجسد، والتثبيت عند مرحلة قديمة أو النكوص إليها يجعلان الإنسان أسير مخالب أنياب قوى عدوانية ترسخت في الذات منذ القدم، وبالتالي، فإن الصيانة، وإعادة الصياغة، مجهود ضروري لإنقاذ الإنسانية من عذابات الانتكاسات التاريخية ومن خراب الحقد والكراهية.. ما تعانيه البشرية اليوم هو نتيجة رفض أسباب انتعاش الحقد واستفحاله، وهو نتيجة أيضاً للعنت وعدم الاعتراف بهذا المرض، وعدم الكشف عن أسبابه، نحن بحاجة إلى هذه الشجاعة، التي تعيننا على مقاومة المرض وعلى مجابهة أخطاره، بالاعتراف بوجوده، أما البقاء وسط الجحيم، ثم إطلاق الصرخات المدوية لن يغير من الأمر شيئاً، بل إن الشعوب سوف تواجه معضلات جمّة، وسوف تتفاقم الجروح وتتضاعف الآلام، وسنظل نبحث عن الحلول العرضية دون المساس بالأسباب.. الإنسانية بحاجة ماسة إلى استراحة محارب، وإلى التخلي عن المواجهات الدموية، والثقة بقدرتها على حل التقاطعات إذا ما لجأت إلى العقل، وتخلصت من النزعات الأنانية والنظرة الفوقية، والتعنت عند الاقتراب من الشأن الذاتي.

الإنسانية قادرة على فك الاشتباك ما بين الأنا والآخر، إذا ما فكرت بأن الأنا جزء من الآخر، والآخر محيط من حرير يطوق الأنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا لو غاب الحقد ماذا لو غاب الحقد



GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 09:05 2013 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتمال أكثر من 80 % من مشروع برزان للغاز في قطر

GMT 17:32 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

نيرمين الفقي تظهر في قمة رشاقتها خلال تواجدها في "الجيم"

GMT 12:27 2013 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

شركة أبوظبي الوطنية للطاقة تطور حقلاً في بحر الشمال

GMT 11:22 2013 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

روسيا والصين توقعان اتفاق على شروط شراء وبيع الغاز الطبيعي

GMT 00:58 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

منصة " 360"eLearn تطلق البث التجريبي لقسم المدرسين

GMT 11:24 2013 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية للكهرباء توقع 8 عقود بقيمة 3.1 مليار ريال

GMT 12:50 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

عبير منير تكشّف عن طبيعة دورها في مسلسل "كارمن"

GMT 17:29 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مضاد حيوي قادر على قتل خلايا سرطان الثدي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates