علي ابو الريش
«لابد من صنعاء وإنْ طال الزمن»، هكذا شقت جياد العز طريقاً من أبوظبي إلى الرياض، لأجل يمن عزيز كريم معافى من درن التبعية والاصطفاف والإقصائية والإلقائية وحكم شريعة الغاب.. هكذا هي القناعة الراسخة أنه لا أمن ولا استقرار في المنطقة من دون يمن حر، مشافى من قلب الحقائق وتدمير الوجدان وتهشيم العقيدة وتحويل اليمن إلى مستعمرة شوفينية بغيضة كارهة.
اليوم وبعد الرابع من سبتمبر، أصبح العالم على وجه خريطة عربية جديدة، تضاريسها محمية بدروع عربية، وجبالها تسكنها صقور الحق، وترفرف على أغصان عنبها أجنحة الخير.. ربما نحزن للفقدان الأليم، ولكن ما يثلج صدورنا هذا السائل الأحمر النقي، وهذه البطولات الأسطورية التي يسطر ملامحها رجال جهابذة بواسل نهلوا من نبع زايد واستلهموا من وجدانه الحر قيم العدالة والمساواة والحرية والشرف الرفيع.. اليمن ولابد من اليمن مهما كانت التضحيات، لأن ثمن الحرية وأشجارها وأعشابها لابد وأن يروى بشهد العزائم القوية، وفي وقت الشدائد تبين معادن الرجال الأوفياء، وأفصح الدم العروبي عن لونه ورائحته وبريقه وقيمته.
الآن وبعد أن شمر الرجال عن سواعدهم، أصبح العدو ومن يدعمه ويعزز عنصريته في جحور الخوف، هؤلاء هم الذين تطالوا وطالت مخالبهم يعلنون مبادراتهم المرتجفة، يفصحون عن خوف دفين من فوات الأوان، ولكن كيف؟ لا يمكن أن يكون المجرم قاضياً، ولا يمكن أن يصير السارق ميزان عدالة، فإن من أرادوا أن يكون اليمن رمية الباغي في نحور النبلاء، عليهم أن يتحملوا ما ظهر وما بطن، لأن الجند الذين ذهبوا إلى هناك لم يكونوا في نزهة، بل هم رسل حق، وسواعد لتحقيق المصير، ومن فقدانهم لن تذهب دماؤهم سدى، لأنهم أبناؤنا وفلذات أكبادنا وتعبت الإمارات في تربيتهم وتنشئتهم ليصبحوا رجالاً أشاوس يذودون عن الوطن، ويقتحمون المحن من أجل اليمن، ومن أجل سلام الأمة وسِلم العالم من الطغاة والعدوانيين الذين تدفعهم أوهامهم التاريخية إلى تدمير العالم وتحويل تضاريسه إلى كتل جحيمية.. رحم الله بواسلنا وأبطالنا، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان، وجعل مثواهم جنات الفردوس، والنصر أقرب من رمش العين لكل صاحب حق.