علي أبو الريش
ماذا يعني ذلك، عندما تدخل قرية قديمة، ولا تجد رائحة أناس، بالأمس كانوا هنا واليوم قد رحلوا.. إنه الفقدان الأليم، والزمن اللئيم الذي اختال ضاحكاً، وهو يمحو آثار أقدام نحتت على رمل الأزقة صور الأحلام، ورسوماً باتت مثل قطع معدنية تالفة.
في رأس الخيمة، بعض القرى هجرها أهلها إلى مناطق جديدة، وصارت هذه القرى مثل أثواب وسراويل العمال المعلقة على مشاجب بين الأزقة، كأسماك مجففة تفوح منها رائحة الغربة، وأشياء أخرى، هذه القرى، المطوقة بجدران تآكلت أحشاؤها، وتلاشى إسمنتها خلف ركام أزمنة أدبرت، بعدما شقت قمصان الفرح من دبر.
الآن، ويبدو أن الحكومة المحلية، وبعد قراءة الواقع، استشعرت بخطورة ما تخبئه تلك الأزقة المظلمة، وما تنثره الروائح النتنة من أخطار على أمن المكان واستقرار الأسر في تلك القرى، فجاء القرار الحاسم بإزالة مساكن العمال، وهم بأغلبية عازبة، وبأكثرية مراهقة، ما يجعلها قنابل موقوتة، تسبب ثغرات أمنية تسيء إلى طمأنينة الناس وسكينة البلد.
بعض الإمارات، وبالعاصمة أبوظبي ذاتها، حققت أعلى مستويات الجودة، في توفير الموئل المناسب للعامل، وإسعاده وتأثيث مكانه بالفرح، كما أنها نظفت الإمارة من النوايا والرزايا، وأصبحت الأسر والعائلات في مأمن من أخطار المتطفلين والمزعجين، والخارجين عن أطر السلام النفسي، وهذا في الحقيقة مشهد حضاري، أصبح نموذجاً تتمتع به العاصمة أبوظبي، وتمتاز به عن سواها من الأماكن ليس في الإمارات وإنما في المنطقة، لذلك، فإن قرار حكومة رأس الخيمة جاء في وقت أصبح من الضروري جعل القرى والمناطق السكنية والعائلية أن تبقى بمنأى من الأنياب والمخالب، وإذا كان للعامل الحق في العيش في مسكن ملائم فإن البلد وساكنيها من حقهم أن يعيشوا في أمان، وأن تحميهم الحكومة من مشكلات قد تصل أحياناً إلى درجة الخطر الفادح.
أسعدنا هذا القرار، ونتمنى أن تتم الإجراءات التنفيذية بسهولة ويسر، ومن دون معوقات، وألا يؤخذ برأي المستفيدين، طالما المسألة تمس الاستقرار والاطمئنان.