علي أبو الريش
في العيد.. يشرق الصباح بثياب الصغار وابتسامة الكبار، ويحط طائر الفرح عند شفاه اللابسات من الحرير جلابيب، وتكبر سحابات المجالس هاطلة بعذب الشراب وسفائن اللقيا، تغرد أشرعة المصافحات وترتاح القبل عند وجنات المتهللين سعادة وحبوراً.
في العيد.. أشجار تنمو في حقول الزائرين وعشب قشيب يمد سنابل الأمل لمن فارقوا ثم عادوا محملين بأشواق العناق لعشاق انتظروا كثيراً عند محطات التأمل والشوق الحثيث، في العيد.. عصافير تغرد عند أغصان الصباح الباكر مزقزقة كأنها في الحفل البهيج، تختال في الثوب المرقش والشعر المهشهش والعيون المكحلة ببريق النخوة الصباحية وعيدية الكبار.
في العيد.. أمة بأكملها تنزع جلبات الاحتقانات، وتصبو إلى يوم جديد لا تضرب فيه المدافع طبولها أو يغشى العنف غاشيته، في العيد.. أمة تنادي الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والقلوب تتدفق دماء ملونة بلون خيوط الشمس الناصعة.
في العيد.. صغار وكبار يرفعون الأيادي مبتهلين، مهللين، مكبرين، متمنين أن تنقشع غيمة الإرهاب ويزول من سماء المسلمين قوس الأسى والحزن والفقدان.
في العيد.. تبدو القلوب صفحات ملونة بلون السماء الزرقاء والأشجار الخضراء والبحر المحدق في زعانف أسماكه منتظراً صنارة الصيادين، ومجاديف السفن الطارقة أبواب الرزق، في العيد.. يخلع النهار نعليه ويذهب إلى فضاءات صافية.. يدعو العلي القدير أن يزيح الهم عن كاهل المعوزين وكل ذي ألم وغم وسقم، في العيد.. لم يزل المسجد الأقصى يحشد قواه الذاتية، لأجل إزاحة أشكال العدوان وصفات البغي والطغيان لعل وعسى تلتفت العيون إلى منزل الأنبياء والرسل المكرمين، في العيد.. صباح جديد ينثر أمطاره العذبة على الرؤوس، يغسل الوجوه بالزلال ويشيع خبر الفرح لكل مسلم ما تلوثت يداه بدم بريء أو ضعيف أو عابر سبيل.
في العيد.. يحضر الفرح بثوبه المرصع بذهب النقاء والصفاء.