شركاء في المسؤولية

شركاء في المسؤولية

شركاء في المسؤولية

 صوت الإمارات -

شركاء في المسؤولية

علي أبو الريش

لبناء مجتمع متكامل، لابد وأن تتكاتف الجهود وتقف الأكتاف كتفاً بكتف، لابد وأن تصب الروافد في النهر الواحد، وأن تتشابك الأغصان لأجل ظلال وارفة تحمي الطيور من اللظى والحرقات. لابد وأن يعي الأب مسؤوليته، والأم والمسؤول في العمل كذلك، لأنه التزام أخلاقي ووطني، تفرضه أسباب الاجتماع الإنساني على أرض واحدة، تجمعهم قواسم مشتركة، التفريط فيها، خرق أهم قوانين الطبيعة.

ولا يمكن للإنسان أن يستدل طريقه إلى الحقيقة إلا بالقراءة، لأنها المصباح الذي يضيء غرف العقل في الظلام، ولأنها المفتاح الذي يشرع الأبواب نحو يقظة الروح، وصحوة الضمير، ولأنها زجاجة العطر التي تزيل الجهل وتعبق العقل بعبير من زهور. القراءة، الطريق إلى المعرفة، والمعرفة ناموس الفلاسفة والمفكرين الذين بذلوا الحياة من أجلها، وواجهوا الموت والتشرد، لأجل اقتناص طيورها.

القراءة، الحارس للعقل، النابس باسم الضمير، القابس الذي يسرج أضواءه في دياجير التخلف. اليونان غزت العالم، بحضارة كان عمادها فلسفة شيخ القراء «سقراط» وشاعر الفلاسفة، أفلاطون، ومنطقي الفكر أرسطو، ولم يأفل نجم اليونان الحضارية إلا بغياب منطق الفلسفة، وهروب الفكرة، بعد استبداد واستعباد، وخضوع لنواميس اللامنطق.. القراءة، لدانتي العظيم شاعر إيطاليا، أن يقرأ ابن رشد ويصفه بسيد الشارحين، القراءة، وضعت اسم فرنسا فوق كل الحضارات الأوروبية، لأنها أنتجت فولتير ورينيه ديكارت وجان جاك روسو، والقراءة، خلدت اسم تولستوي وديستويفسكي وتشيخو، وبوشكين في روما. القراءة جعلت أميركا تسطر اسم وليم جيمس ضمن الخالدين، لأنه وهبها «البراجماتية» فسادت هذه البلاد، بالروح العملية، وراجت بحب العمل، كمقياس للتفوق. القراءة، هي أنعشت روح التلاقح الفكري والفلسفي في القرن الحادي عشر، وأشعلت روح التنافس بين المبدعين ليظهروا قدراتهم، ويؤكدوا قناعاتهم ويسيروا بالفكر الإنساني نحو غايات الانتماء إلى الحقيقة والبحث عنها في أحشاء الكون الفسيح. القراءة، فاتحة القرآن الكريم «اقرأ» وبداية نزوله، وأول قراءة للإنسان للحياة. القراءة، هي الوجد والمجد والوجدان، هي الدهر والسهر، والنهر هي الشجر الريان، القراءة هي لحظة انبلاج الليل، وانفراج الفجر، وهطول سحابة الوعي، وانسحاب الظلام، بعيداً. بعيداً، عن بستان العقل، عن غرفة النوم واليقظة. القراءة، كتاب يفتح صفحاته، على كون لا نهاية لجملته ولا بداية لكلمته، إنها القضاء المتحرر من غيمة لا تمطر، وقطرة لا تسطر للأمل معنى ومغزى. القراءة، في البدء كانت إقراراً بأهمية الكلمة كمفتاح للوعي، وفي البدء كانت استقراراً، للنفس وطمأنينة الروح. القراءة، غذاء العقل. ورواء القلب، ودواء الروح، ومن لا يقرأ، لا يستقرئ، ومن لا يستقرئ يغيب في ملكوت جدرانه الظلام، وسقوفه الأوهام، وأرضه مبسوطة بالأسقام. القراءة، شجرة الخلد التي لا يفنى إثمارها، ولا تذبل أغصانها. القراءة، عين الإنسان على الوجود.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شركاء في المسؤولية شركاء في المسؤولية



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates