علي أبو الريش
في معرض الكتاب في أبوظبي، نبتت في حقوله شجرة ورقاء، هيفاء يانعة بالمعنى، ناصعة بالمغزى، يافعة كأنها المظلة العالية.. في هذا المعرض ازدهرت دور النشر الإماراتية، وتوسعت واتسعت حدقتها، وشمخت عناوينها، وسمقت سمعتها، فأيقظت في القلوب مشاعر الحب، ودقت نواقيس الفرح في مشاعر من كان يبحث عن ضالته فوجدها، في هذا المكان حيث تقع دور النشر الإماراتية، تطوقها عيون المحبين والمتلهفين إلى رؤية هذا المشهد الجميل من زمن طويل.. لقد توافد الناس زرافات، شيباً وشباناً، يبحثون عن الكلمة، عن الجملة الفعلية في هذا المشهد، فكانت الجملة تسبق النظرة، وكانت النظرة تلاحق العناوين، كما تحيط بالكتب بحنان أشبه بأجنحة الطير المرفرفة على مكامن الزهرات عند فروع الشجر.. حقيقة في هذا المعرض، أيقن المنظمون كيفية تأثيث المكان وأتقنوا تزيين الأثاث بسجادة إماراتية الصنع، وطنية المنتج، أفردت وريقاتها في الجنبات وعند ناصية القلب، شعرنا الزمن بأن الزمن قد هيض جناحه، واستمال بصدق ناحية الحق الطبيعي للكتاب، بحيث يصبح وطني التأليف والطباعة والتوزيع، من دون أغلفة بلاستيكية، تمنعه عن الصدأ.
دور النشر العربية، فتحت أفقاً جديداً للكتاب وبخاصة الشباب الذين وجدوا أنفسهم أسماكاً حرة، تحرك زعانفها بحرية وطلاقة، في مياه بحر خليجي عربي، صافي المصب والمنبع.. دور النشر المحلية، رسخت مبادئ بأنه لابد أن يصبح الكاتب الإماراتي عند شفة الأفق، عند حدقة المستقبل، يسير بالقلم كما تسير الطيور في شرايين الفضاء، لذلك وجدنا كماً هائلاً من النتاجات الأدبية، بأسماء إماراتية، ولِمَ لا فليكتب هؤلاء وليفيضوا إبداعاً، ويراعاً، لأن المرحلة الإماراتية تستحق كل هذا، وهي تزدهر بالعطاء السياسي المبدع، والعطاء الاقتصادي المبهر.. وليجرب الجميع في جميع صنوفه الكتابة، والخطأ وارد ولكننا بحاجة إلى التراكم وبحاجة إلى الكم، لأجل الانتقاء الطبيعي ولأجل أن يكون خيارنا واسعاً، في الاختبار والاختيار.
والله يوفق الجميع..