علي أبو الريش
في مسلسل «دبي - لندن - دبي» يبرز الفنان الكبير سيف الغانم ممثلاً من الوزن الثقيل، يكيل بمكيال الفن، بوزن يضاهي، فنانين عالميين، ففي لمحاته ونظراته ووقوفه أمام الكاميرا يجسد حلم الفنان الذي تشرب من الفن ورشف من زخاته، إلى حد الارتواء، ويعبر عن دوره في المسلسل باتقان واتزان من دون تكلف أو تزلف، وبعفوية ضاربة أطنابها في جذور هذا الفن الجميل. سيف الغانم ليس فناناً عادياً بل هو يقدم درساً كافياً لزملائه ولمن يريدون أن يطرقوا هذا الباب الواسع، ويقدم لنا نحن المشاهدين فناً راقياً، يجعلنا نعيش المشهد، بلباقة وأناقة، ولياقة ورشاقة، يجعلنا نحلم معه بالدور الذي أنيط به يجعلنا نفكر في وجه هذا الفنان الذي يبدو أمام الكاميرا وكأنه يمارس دور الأب في الواقع، دور الأب الذي حلم أن تعيش ابنته حياة عاطفية وزوجية من دون معاناة أو تعب ومن دون خيانة ابن العم. لا شك أن سيف الغانم خرج من جلباب هذا الفن بعد أن وطد العلاقة مع نفسه أولاً ثم مع الفن واقتنع بوعي المثقف أن الفن رسالة، ولابد من إيصالها بشكل وافٍ ومقنع، ولابد من تجسيد الدور الفني بحيث يتلاءم مع الواقع حتى يصير الفن فعلاً جهداً مقدساً على الفنان أن يجيده وأن يحترمه وأن يحترم أيضاً ذائقة المشاهد، وفي الحقيقة نحن بحاجة ماسة إلى مثل سيف الغانم.. نحن بحاجة إلى فنان يفهم أن الفن ليس تمثيلاً وإنما تجسيد لمعطيات واقع نحتاج إلى ترسيخ مفاهيمها أمام المشاهد كي يصير الفن شريكاً أساسياً في صياغة فكر الناس وثقافتهم وحاجتهم إلى من يقدم لهم ما يصبون إليه من فعل فني يتماهى والواقع الذي يعيشونه.
نحن بحاجة إلى أكثر من سيف الغانم كي نؤسس لأعمال فنية يحفظها التاريخ ويهضمها الجيل الحاضر ولكي تكون أرشيفاً فنياً تلون كتاب التاريخ بألوان زاهية وببريق النجوم.. فالفنان لا يكون نجماً إلا إذا أضاء طريق الآخرين بأعمال يخلدها الزمن وتصبح علامة فارقة في الزمن الفني.. نحن بحاجة إلى أكثر من سيف الغانم لأن هذا الفنان هو «أنتوني كوين» الإمارات فعلاً.. ومن دون مبالغة.