علي أبو الريش
لو كان جان جاك روسو حياً، لضرب قدمه على الأرض محتجاً، لأفكار الذين يريدون الإساءة لبلده، ولعقده الاجتماعي الذي وضعه قبل أكثر من ثلاثمائة عام. فالحرية لا تتجزأ، والفكر الإنساني واحد، يتعاضد ويتعاون ضد الكتب وضد العنصرية وضد التزمت والتعنت، وما دعوة عضو حزب الاتحاد الفرنسي روبير تتشارون، بحظر الإسلام في دستور فرنسا إلا دعوة مساوية لكل الطائفيين والمتحيزين والمتحزبين، بعقائد مغلقة تحتكر الدين كما تحتجز الحرية في أقفاص السوداوية المقيتة.
هذه الدعوة، لن تفيد فرنسا ولن ترفع عنها ظلامية الأشرار بل إنها سوف تخدش حياء حريتها كثيراً وسوف تغلفها بكثير من علامات الاستفهام، وسوف تصيبها في مقتل إن نفذت كما يريد عضو حزب الاتحاد، لأن العالم أجمع عرف عن فرنسا شفافية حريتها، والتي جاءت من حرير الفلسفات التنويرية العظمى والتي قدمت للناس أجمعين مثالاً يحتذى به، وبالتأكيد فإن من يدعو إلى كبت الحريات لن يضر إلا بلده، ويشوه سمعتها، ويرقع قماشتها الصافية ببقع سوداء، أما أن يختص هذا العضو الإسلام بالذات، فإن في هذا الانقضاض العشوائي خللاً تجب معالجته في فرنسا، وليس في أي مكان آخر، كون الإسلام الذي يريد هذا العضو حظره، هو دين السماحة، والانفتاح والعطاء، وقد قدم علماء الإسلام الأبرار علماً وأدباً وفلسفة للإنسانية، يوم كانت أوروبا بأكملها بحاجة إلى النور للخروج من الظلام.
الإسلام الذي يريد هذا العضو إقصاءه، هو الدين الذي فتح للإنسانية آفاق البحث واستخرج من بطون الحياة، كل ما ينفع الناس في حياتهم، هذا الإسلام الذي يريد أن يتنكر له هذا العضو، هو الدين الذي حرر البشرية من العبودية، وقال للإنسان اقرأ لتتبصر في نفسك وتفهم طريق حياتك.. هذا الإسلام هو الدين الذي دعا إلى المساواة والعدل بين أبناء الأرض، ودعا إلى عمارها، بالفكر لا بالقهر.. لذلك فنحن على ثقة بأن أم الحريات لن تدع لأي متزمت أن يقفز على شجرة الحرية، ليحطم أغصانها اليانعة.