علي ابو الريش
التربية أولاً، وأولاً وأولاً، لأنها المشرط الذي يكشف عن الأسوار والأسرار والأغوار، والأخبار، فيما يخص النفس البشرية، ولا يمكن لدور أهم من دور الوالدين ثم المدرسين، فهذان ضلعا المثلث وقاعدته الأبناء الذين يرون أنفسهم من خلال الضلعين المتعامدين الواقفين عند زاويتي الحُلُم والعلم.
في الإمارات أثبتت الأحداث الأخيرة عظم دور الوالدين، وكذلك المعلمين وتكشفت أسرار، كانت كامنة في مشاعر الأبناء الذين ضحوا بالأرواح، وأرخصوا الأعمار من أجل قضية وطنية لا يوازيها شيء في الدنيا، وعندما يصير الوطن العش الذي تدافع عنه الطيور، تصير شجرة العائلة الكبيرة في مأمن من الأضرار والأشرار، بعيدة عن عيون من به مرض ولديه غرض.
وهكذا، فعندما يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على أولوية التربية، فإنه يبعث برسالة مضاءة بالوعي إلى كل من يهمه الأمر في هذا الوطن فحواها، أن تربية الأبناء على الحب يغرس في نفوسهم شجرة الانتماء، هذا الانتماء الوطني الذي يجعلهم تروساً في مواجهة الأعداء، وما من شك في أن تربية الأبناء على أساس أن الوطن هو ذاتهم، وهو روحهم التي تطال التضاريس، من جبال وبحار وسهول ووديان، هذا الغرس يجعل الفرد يعمل للجميع وكأنه يعمل لذاته، ويتفانى من أجل الكل ليحمي نفسه، لأن الحب وحده الذي يجعل الأفراد في المجتمع الواحد، يتلاحمون كالبنيان المرصوص، يشد بعضهم بعضاً، يوحدهم القاسم المشترك، والأهداف السامية، والغايات التي لا مناص من الوصول إليها بجمع الشمل ووضع المشاعر في بوتقة الحلم الواحد.
التربية أولاً، لأنها الجواد الناصح الذي يأخذ بالفرسان نحو ساحات النصر، ويعود بالأمل المنشود غنيمة ثمينة، والتربية هي نخلة العز إن أُحسن ترتيب أدواتها، وتهذيب خطواتها، ووضع الأسس السليمة لبناء العلاقة بين الأفراد، سواء كانوا يمثلون الأسرة الصغيرة من الوالدين والأبناء، أو الأسرة الأكبر التي تمثل المجتمع، ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا بتوافر قيادة تربوية جادة وواعية، وقيادة تعليمية صادقة ووفية للوطن وقيادته.
التربية، مجال التطلع الأول لبناء جيل يحترم الثوابت، محصن من فيروسات التطرف والغي والانحرافات العقلية.. التربية هي المنطقة الواجب زراعتها بعشب القيم الوطنية السامية.