علي أبو الريش
المؤمنون بالحقيقة، يعرفون جيداً، أن هناك وراء كل سكين حادة كائنا بمعدن الحقد وأن وراء كل حاقد مساحة واسعة من طغيان الجهل، هذه المساحة يستغلها شياطين الفكر فيغرقون عقول الجهلة ببقع فكرية لزجة قاتمة، تحول هؤلاء إلى كائنات متوحشة لا تفرق بين الحق والباطل، ولا الأسود والأبيض، ولذلك فإن من يرفع سكيناً فيهم بها على عنق إنسان بريء لا ذنب له فيما يحصل كائن أصبح ضميره بعد عمليات التقبيح مومياء أو حتى جيفة، لا يصدر عنها إلا كل ما يعكر، ويختزل الحياة في نصل سكين وقعت على حين غرة بين مخلوق استفرغ الأفكار القميئة وألقى بكل غثيانه على الوجوه فهام وسام الناس ظلماً وعدواناً. المؤمنون بالحقيقة يعرفون أن من احترف القتل والتنكيل بالناس أعمى البصر والبصيرة، لا يميز بين وطن أو إنسان، فكل ما تقع عليه يده أو قدمه أصبح خراباً، وهدمه هو طريق إلى الجنة المتوهمة.
المؤمنون بالحقيقة يعرفون أن من يستخدمون الدين كوسيلة وحيلة، لتنفيذ أغراض نفسية وشخصية، فقدوا القدرة على التكيف مع المجتمع، لأسباب تعود إلى تنشئة أسرية أو تاريخ شخصي صارم، وبالتالي فإنهم عندما يعلنون محاربتهم للواقع فإنهم يقومون بذلك، للتنفيس عن عقد النقص أدى إلى انحراف في السلوك، واتخاذ إجراءات سلوكية مناقضة للعقل مغايرة للحقيقة، مبعثها نيران داخلية تحولت إلى كتل من الحقد وازدراء الواقع، والسخط على كل ما هو جميل في الحياة، هذه النماذج البشرية، لا يمكن التصالح معها أو التخلص منها إلا بوسيلة قطع دابر الأفكار التي نبتوا منها وعن طريق مواصلة الجهد في تجفيف منابعها، والروافد التي ترتوي منها والسواعد التي تعضدها، والوسائل التي تنشر أفكارها.
المؤمنون على يقين من أن القاتل يقتل ولو بعد حين، ولكن قبل أن يقتل تذهب على يديه ضحايا وتخسر الأوطان مقدرات ومكتسبات، ولذلك لا بد من الحزم في مواجهة مثل هذه الآفات، وحماية العقول من الاقتراب من مثل هذه المستنقعات وحقنها بمضادات حيوية تمنع من انتشار الوباء واستفحال الأمراض الفيروسية التي يشيعها صناع الموت، ومحترفو هتك الأعراض تحت مسميات مختلفة. المؤمنون بالحقيقة يكتنزون بالوعي، ووعيهم نابع من تجارب على مر التاريخ، هذه التجارب أثبتت أن من يفقد العقل لا يجد مجالاً في التعامل مع الآخرين إلا السكين وهذه معضلة الجهلة وداؤهم الذي يداوون فيه نفوسهم المريضة وعقولهم المخربة وذاكرتهم المثقوبة، هذه هي الحقيقة، القاتل جاهل ومحاربته تبدأ بتوعية العقول بأهمية الحب لتعمير الأرض.