علي أبو الريش
مصابيح شهر رمضان، تُضاء بطاقة الصغار، والشاشات الصغيرة تفوه بحناجر الأطفال، ورائحة الطعام تنثر عبيرها في كل مكان، والأطباق الساخنة مثل الحلي، منثورة على السفرات المسائية..
في هذا الشهر، كل شيء يبدو مثل أجنحة الطير، الرفرفة والهفهفة، تظلل الرؤوس بدفء اللقاءات الجميلة، وفرحة الصغار، بهارات بمذاق الطفولة البريئة.. في الليل كل شيء يفتح العينين، كما هي أفواه فراخ الطير، في الليل تصحو المشاعر، وتستيقظ النفوس، على صيحات وضحكات وقرقعة الملاعق في الصحون.. في ليل رمضان، النهار يبدو صاحياً، يقظا كما هي القلوب الدافقة بالفرح، في رمضان، ليل الإمارات صباح، يرفل بأضواء وضجيج وعجيج، وحركة الجدران المتصدية لصدى الأصوات، الناعمة من خلفها، تبدو الموجات الصوتية مثل رنين الأجراس، مثل حنين الطير إلى أعشاش تسلقت أغصان الشجر بعفوية الفطرة النبيلة.
قبل الإفطار، عندما تسترخي خيوط الشمس، تعانق العيون، دخان المطابخ، والأنوف مفتوحة نحو الرائحة، ولرائحة الطعام رغوة الصابون في الماء الصافي، لرائحة الطعام عبق الزجاجات الشفافة، عند أرفف الأماكن المشعة بالعبير.. قبل الإفطار، تصير الشمس مثل قرص البيض، المقلي في آنية الأشواق قبل الإفطار، تزخر الغرف بحركة الممثلين عند شاشات الانتظار للوقت الأخير من نهار يوم، يبدأ في الانسحاب شيئاً فشيئاً، زاحفاً نحو مغيب، تتهلل له القلوب، وتشغف الأرواح للحظات الحيوية، وإحياء العروق، بالبلل اللذيذ..
قبل الإفطار، الجمال يكلل الوجوه المستشرفة للحظة أولى، في تناول أول رشفة ماء.
. أو لبن مبرد.. قبل الإفطار، يحتل نبل رمضان، مساحة واسعة من الصدور، كما يستولي على بريق العيون المجللة بالفرح..
الأمهات وحدهن اللاتي، يستوطن وجوههن العرق مع لمعة السعادة.