علي أبو الريش
الشاعر أحمد محمد عبيد، الكريم الذي أكرمنا بشعره، وأمتعنا بإبداعه، وأسعدنا ببحوثه ودراساته، هو الشاعر الذي غزل قماشة الشعر بحرير الكلمة، وملمسها الصافي اللدن في الأذن، أحمد عبيد، الشاعر المتكئ على قافية ووزن، الموزون بقافية الفن واللحن، المقفى بأسباب الجملة المنمقة والبيت المسقوف بالرزانة والأمانة.
شكراً للشارقة، شارقة الشعر، بارقة الفكر، شكراً لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والذي دائماً ما تمتد يمينه لكتاب مخضب بثراء الفكرة، مخصب بغنى العبرة، مهذب بحياء الجملة الزاهية، مشذب الأوراق المزدهرة، باخضرار العطاء، وبياض السريرة.
وما تكريم الشاعر أحمد محمد عبيد إلا هو تتويج لعطاء طويل المدى، كثير المدد، ممتد عبر عقود من زمن الشعر، زمن الإمارات الحبيبة، زمن الشاعر، وما يحمله من وشوشات الموجة، وهديل الحمام، وحفيف النخل، وخرير الجداول، وهدير الوديان، ساعة الشعر، ساعة تشطر القصيدة، ولظى سخي الكلمة.
أحمد عبيد شاعر أسرج خيول الشعر منذ أن طوت المساءات سجداتها، وتهيأت للترتيل وتلاوة الحلم، والبحث عن سر الحكاية في وشاية الشعر ونوايا الكلمة ومزايا الفكرة المختزنة في أحشاء البحر أو تلافيف الشجر والباب الطير. هذا التكريم بالفعل يأتي متناسباً متناسقاً مع عام القراءة، عام الانضواء في لواء الكلمة، والانضمام إلى قافلة القراء الذين يلونون أحلامهم بحبر الكلمة، ويصيغون حياتهم بهمسات أوراق خير جليس، أحمد عبيد جاء في الوقت المناسب، مكرماً ومحتفياً به ومنتصراً على ذات ربما أحست في ذات يوم أنها بعيدة قليلاً عن منصات التتويج، ولكن يبقى الشاعر المهم فوق الاعتبارات الوصفية، وما التتويج إلا في سياق المهمة والمسؤولية المعلقة على عاتق أهل الثقافة والذين أنيطت بهم هذه المسؤولية، والتنويه هنا واجب، حيث إن الإمارات بلد الامتياز والتفوق، ولا يفوت أهل الثقافة وراعييها أن يصفقوا لهذا الشاعر أو ذاك، وأحمد عبيد من أولئك الذين يستحقون أن نصفق لهم، ونقول لهم شكراً لكم على عطائكم الجميل وإبداعكم النبيل، فأنتم أهل لهذا التتويج وهذه الجائزة، كما والشكر موصول لمن جعل الثقافة الوريد والشريان والطير والأغصان، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي يضع الثقافة مقلة العين وشامة على الجبين.
هي النجمة والغيمة، وهي القمر اللجين، هي وعي التاريخ وكلام الحكمة، وحكمة الكلمة، الثقافة هي النسق والأفق، هي الحرقة اللذيذة، هي الورطة الأنبل، هي الإيمان بأن الإنسان كائن منطقي، وأن في المنطق ثقافة ظاهرها وباطنها وشكلها ومحتواها إنسان يتهجى حروف معرفته للوجود، بكلمة شاعرية ورواية تجدل العبارة والاستعارة.