علي أبو الريش
بعد سنين عجاف وصحراء المشاعر العربية أصابها اليباب والعذاب والاستلاب والاكتئاب، أصبح اليوم لدينا قوة عربية متكاملة تنطلق من الخليج العربي، لتكون سداً منيعاً في وجه من صارت العروبة مرضاً نفسياً عضال يعانون منه، ولذلك انتحلوا كل الوسائل للإطاحة بالمضمون العربي التاريخي واختزاله في قرى متنائية تعيش حالة الشيخوخة.. الذين يحقدون على العرب كثر والذين يعانون من عقدة نقص كثر، والذين اتخذوا الطائفية وسيلة لتنفيذ عقد تاريخية عرقية كثر، لذلك فإن هذا النهوض الخليجي المشرف يقف حائلاً دون الأطماع ودون الكبرياء المزيفة ودون الأوهام التي زرعت بواسطة عمليات جراحية فاشلة، أثبت الموقف الخليجي أنها لا تجدي عندما يكون العرب يداً واحدة وعندما تنهض القيادات التاريخية لمواجهة ذلك المد الموبوء بأمراض أصحابه المشوب بحثالات قيم، المشحون بنقائص وفرائص مرتعدة وبائدة أراد أصحابها أن يوقظوها عندما تخلى العرب عن دورهم التاريخي.
اليوم نجدهم يتوسلون بعد أن تراجعت أحلامهم أمام الواقع الجديد وبعد أن رأوا بأم أعينهم أن العرب أقوياء أشداء بتكاملهم، وبوعيهم بأهمية التلاحم والانسجام من أجل المصير الواحد والمستقبل الواحد.
عاصفة الحزم أثبتت بالدليل القاطع والحقيقة الدامغة أن اللصوص لا يقفزون إلا على الجدران الخفيضة وأن الانتهازيين لا تحملق عيونهم إلا في المال السائب، وأن الذين في نفوسهم مرض لا تتوحش ضمائرهم إلا عندما ينحني أصحاب الحق ويقبلون بالأمر الواقع.
عاصفة الحزم هزمت الأطماع وكبحت الجوامح وردعت العدوانيين ومنعت وصول التتار الجدد إلى أرض العرب وشيعت أحلاماً كانت أكبر بكثير من حجم أصحابها ورسخت واقعاً جديداً، أن الحق لا يضيع طالما وراءه مطالب، وأن الحقوق لا تهدى وإنما تنتزع، خاصة إذا كان العدو متزمتاً، متعنتاً، طائفياً، يكذب على الله وخلقه باسم الدين والطائفة.. عاصفة الحزم، السفينة التي أنقذت بحارة عالقين في بحر الظلمات.. عاصفة الحزم أملنا في مواصلة شد العزائم ودرء الأخطار عن أوطاننا.