بقلم : علي أبو الريش
المحاضرات والندوات والمؤتمرات والأمسيات تملأ البلاد طولاً وعرضاً بمناسبة عام القراءة، ولازلنا لم نلمس إلا الأطراف، وبقيت العملية الثقافية في منأى عن الهدف المنشود، نحن الآن في نهاية الشهر الثالث من العام، ولم يبق من الزمن ما يكفي لأن نعطي المبادرة المباركة ما تستحق، المطلوب هو ما بعد هذه النظريات والتنظيرات، المطلوب الدخول في عمق المبادرة وفي جوهر الإنماء الثقافي، نريد مبادرات شجاعة تحقق المعنى من المبادرة، نريد خطوات تدخل في العمق وتخرج من السطح، نريد من جهات كثيرة أن تتفتق قرائحها عن ابتكارات وإبداعات في هذا العام لأجل القراءة، ولأجل جيل قارئ يجد أمامه فرصاً متاحة، تدفعه لأن يقرأ ويستزيد من العلم والثقافة ويكتنز في ذاكرته ما يضيف إلى رصيده الثقافي.. لا يجوز أبداً أن نظل في منطقة الاحتفالات الثقافية دون أن نلج بحر الثقافة ونضع أمام الأجيال برنامج عمل ثقافياً يحرض على القراءة ويحفز على تتبع كل ما ينتج في العالم، من كتب ذات قيمة، الأبناء بحاجة إلى نتاج ثقافي ملموس ومحسوس يشجعهم على القراءة، أما الاكتفاء بالمهرجان، فذلك لن يخدم للود قضية، ولن يقدم شيئاً مفيداً يجعل العام بحق عام القراءة.
المؤسسات الثقافية في الدولة مطالبة اليوم بالحضور فعلياً على أرض الواقع، وذلك من خلال ما تقدم من مشاريع ثقافية ومنجزات تفتح النوافذ واسعة لقارئ يريد أن يجد أمامه ما يستفز مشاعره للقراءة الجادة.. وإذا كنا حسبنا هذا العام بعام القراءة، فإن الطموح ينفتح على أعوام وعقود وقرون من الزمن، لذلك يجب التأسيس للآتي من الأعوام، من خلال وضع اللبنات الجوهرية لمساحة قرائية تؤكد منجزاً حضارياً ثقافياً يعتمد في الأساس على القراءة المدعومة بمشاريع جادة وقوية.. والإمارات بفضل الإمكانيات المتاحة تستطيع أن تقود مراحل العرب جميعاً نحو قراءة تستشرف المستقبل الثقافي، وتشرق في الجهات الأربع، وتقدم مشروعاً ثقافياً واسع الحدقات، طويل الأمد، لأن الإمارات أثبتت على الصعد المختلفة أنها النجم التي تدور من حوله الكواكب الأخرى، وأكدت بالدليل القاطع أنها دولة منجزات ومشاريع ضخمة، لذلك يجب على المعنيين بالشأن الثقافي أن يسكبوا ما لديهم من شهد العطاء في وعاء الوطن، ولإنجاح المبادرة وتقديمها للعالم لمنجز عصري يكسر حدة الرتابة في الوطن العربي، ويدحض الأفكار المحبطة والمثبطة للهمم، ونحن على ثقة من أن أبناء البلد قادرون على إبهار العالم بما لديهم من قدرات وإمكانات تفوق التصور.