علي أبو الريش
الابتكار، السفينة التي تحمل أشجان الطموحين إلى مدار الكواكب والنجوم، وهو أيضاً النجم الذي يضع أنواره، في خدمة كل طموح ذاهب إلى المعاني الجميلة.. فمن لا يطمح لا يبتكر ومن لا يبتكر لا يخطو خطوة واحدة نحو المستقبل، ومن لا يخطو يعيش أبد الدهر بين الحفر، خامداً هامداً، جامداً، مبلداً، مستبداً، راضياً بالمألوف، خاضعاً لروماتيزم العقل.
الابتكار خطوة لغلق محارة المستقبل، والذهاب إلى المجد، بروح متعافية متشافية، من أدران الكسل والاضمحلال، الابتكار فكرة الوردة، التي تفتح أكمامها، لكي تعطر الكون وتمنح الفضاء، رائحة الأمل، ولون السعادة، والابتكار أيديولوجية الموجة، حين توشوش للسواحل، كي تنهض من سباتها، وتبث بمراكبها إلى حين يسكن الأمل، وحيث يقطن الحب المبني على علاقة حميمية ما بين السواعد السمر، والأزرق المتراقص بلونه البديع.. الابتكار من فعل النخلة التي ترخي قلائد الفرح، على صدر التراب، كي يستنشق رائحة التداخل ما بين الأرواح والطين، ما بين الجرح والسكين.. الابتكار من سلوك الخالدين الذين يملؤون جعبة التاريخ، بهفهفات الأجنحة المنطلقة باتجاه الأفق، والعيون المتطلعة إلى مسافات أبعد بكثير من مكامن النجوم.. الابتكار من سمة العاشقين الذين يرسمون صورة الأمل عند نواصي التاريخ كي يقرأ الآتون ماذا أبدعه الأولون، وكي يرى المقبلون ماذا دون السالفون عند مشارف الزمن.. الابتكار من صفات الذين لا يغرقون ما بين سبك القصيدة، ووفق الدماء في الشرايين، فكلاهما من نبض القلب وكلاهما، يحتاجان إلى سهر على ترتيل المعاني النبيلة.. الابتكار حلم أصحاب الرؤى، ومن في تلافيف أرواحهم، نخوة التجديد، وتسديد الخطوات باتجاه آفاق بلا حدود ولا سدود.. الابتكار نهر ماؤه من مطر الذين يغدقون على الناس في تقديم كل ما يمكن أن يجعل الوطن فياضاً بالأمل، ناهضاً بالعمل، تحرسه المقل، وتحيطه الأرواح بالحب.. ولا شيء غير الحب، يجعل الابتكار، خصلة من خصال العشاق.. الابتكار، كلمة مرادفة لكلمة أخرى، اسمها الإمارات.. وها نحن ما بين العشية والضحى، ترى الشمس تسبل جفونها على تراب الوطن وتهديه الشعاع المنير.