الأبواب المغلقة

الأبواب المغلقة

الأبواب المغلقة

 صوت الإمارات -

الأبواب المغلقة

علي أبو الريش

في الزمان القديم، كانت النجمة تُرى من وسط فناء المنزل، كانت تسقط ضوءها على العيون، فترى ما بداخلها وما حولها، واليوم أصبحت الأنوار الكاشفة تحجب النجوم وتركلها بعيداً عن مرمى البصر، فماذا يفعل الجالسون في وسط الأفنية الواسعة، إنهم يغلقون الأبواب ويضعون الأقفال الحديدية على القلوب كي لا يغزوها شعاع المصابيح المعلقة مثل الأطباق الطائرة، فلا يرون إلا أنفسهم، وبعد مضي زمن يجدون أنفسهم في حال الضيق والكدر، لأنهم فرادى من غير مرايا تعكس صورة الفطرة أمامهم.. فاليوم الأفنية الواسعة تعشوشب بفراغات واسعة، بينما الصدور تضيق بحشر الأفكار الذاتية والتي أضحت جداراً سميكاً يعزل الذات عن الآخر.. الفكرة مأزومة بفراشات غير ملونة، وباقات ورد بلاستيكية، ومياه غازية، تخنق الأنفاس، وأكلات تكتنز بالدهن الكربوني، وأجهزة كمبيوترية جامدة تحاول جاهدة أن تقدم ما لديها عبر نكات ساذجة كي تفرج الهموم وتبعد السقوم وتزيح عن الكاهل الغيوم، ولكن لا جدوى لأن الذات المثلومة بسكاكين السوداوية القاتمة، أصبحت تواجه كل وسائل التنفيس بعناد وجبروت.

في الزمان القديم كانت الفكرة تنبع من الفطرة، لا فيها إزاحات ولا مساحيق تجميل، ولا «نيولوك»، لذلك كانت تخرج جميلة، فتعكس جمالها على الخارج، فيبدو جميلاً رائعاً ومبهجاً، اليوم لو جلبت هدية لطفلك مهما كان ثمنها ومقدارها، فإنه سوف يأخذها من يدك ويضعها جانباً ويلتفت إلى ناحية أخرى في وجوم، ولن يبدي حتى ابتسامة مجاملة كونك بذلت الجهد، ورفعت الثمن المعين لكي تفرحه.. لن يفرح الصغير لأن الأشياء بالنسبة له، عادية ومتشابهة ولا جديد فيها، كونها تتوالى أمام ناظريه في كل يوم، وكونه اعتاد على الاستهلاك دون تعب أو طلب.. المسألة تبدو في غاية الأهمية، في أن نعلم أنفسنا أولاً ثم أطفالنا ثانياً، أسلوب البحث عن الأشياء قبل الحصول عليها، أن نعلم أنفسنا أننا بحاجة إلى الآخر، سواء من الأهل أو الأصدقاء، حتى نعوّد أنفسنا على البحث عنهم وعدم الاستغناء عن وجودهم بيننا.. حتى لا نعيش حالة الراهن الذي لا يسعفنا أبداً على الإحساس بفقدان الأشياء، وكذلك الناس.. نحن بحاجة إلى التدريب من جديد على حب الأشياء وحب الناس، حتى تستعيد النفس توازنها وتمسك بتلابيب الفطرة الجميلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأبواب المغلقة الأبواب المغلقة



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates