علي ابو الريش
مصر المحروسة تحرسها قلوب أبنائها المخلصين، ويشرف على أمنها النيل العظيم.. مصر على مر العصور منذ الهكسوس، ثم المغول، فالمماليك وجدت نفسها في خضم الأحداث المجلجلة، ثم خرجت منها سالمة مسلمة مستسلمة لإرادة الحق وعزيمة الحقيقة، فلا تذروها رياح القابضين على جمرة الحقد، ولا تكسوها السماء إلا بسحابات الحب.. فعندما تتكاتف الأيدي الخيرة من أجل العناية بمصير مصر، إنما تفعل ما هو تاريخي واستراتيجي وإنساني وإسلامي، لأن مصر مثل أشجار قطنها إن اعتنيت بها ورعيتها وحميتها ووقفت معها ضد العصف والنسف أثمرت وأينعت وأغدقت الناس أجمعين بخير عطائها وجزيل فضلها.
مصر، مثل أهراماتها لا تنحني لعوامل التعرية، ولا تنثني لأسباب البعث، فهي مصر من يدخلها يعرف أنه يسكن ضمير الكون وتحيط به النفس المطمئنة.
حاول الآخرون أن يغرسوا معاولهم في الجسد المصري، حاولوا أن يجعلوها نقطة انطلاق إلى أجندات سوداوية ولكنهم فشلوا، لأن مصر كالقطنة البيضاء الناصعة طويلة التيلة تمتص ولا تغيب عن الوجود، فما يقلقها يحييها ويعيد لجذورها الحيوية والقوة، مصر وبمن يقفون معها من شرفاء العالم تستطيع وبجدارة هزيمة من يتأبط شراً وكسر شوكته بقوة الإصرار والتصميم والوعي بأهمية المواجهة وصد عدواء المتزمتين والمرتجفين والحاملين في صدورهم غلاً وأغلالاً والذين يتربصون بعيون غشتها غيمة الحقد والكراهية لكل ما هو حي ونابض.
مصر هكذا هي القوة العظمى بالحب، بالحب وحده ينطفئ الحقد وتتوارى النيران في نحور من يشعلونها.. مصر هكذا هي المدار الإنساني الذي لن يفقد المسار.