علي أبو الريش
تبدو إذاعة أبوظبي للقرآن الكريم، خيط الضوء في مسارات العالم، وهي الإذاعة التي يفيض كأسها بعذوبة العطاء، وثراء اليراع، هي الإذاعة التي أخذت على عاتقها، تقديم الخطاب الديني بصورة تتناسب مع المشهد الحضاري الذي سارت عليه البلاد، وهي الإذاعة التي تحلق طيورها بأجنحة الشفافية، وتحدق جيادها نحو آفاق مفتوحة على الآخر، من دون ريبة أو مرية أو رجف أو خوف، لأنها تنطلق من وعي القائمين عليها، والمقدمين لمائدتها السخية بأن الحياة دين ودنيا، وأن الإسلام أرسل للعالمين هداية ورحمة، والمجادلة بالحسنى، ولطف المعشر، ولباقة المعطى وأناقة المحتوى، ولياقة الانتماء إلى دين سنه الله شريعة ومنهاجاً، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
ولهذا السبب فإنني أود أن ألفت نظر زملائي وأحبائي في هذه المنطقة الإعلامية النيِّرة إلى نقطة بسيطة ومهمة في آن واحد، وهي أن هذه الإذاعة التي تتحدث باسم القرآن، أتمنى لو أنها تخاطب الآخر بلغة القرآن، وهي لغة ثرية المعنى غنية الدلالات، وينقصها عنوان لغوي كي تستفيض بلغة أخرى، وملاحظتي هي على الاسم «قرآن AD»، فنحن ننتمي إلى دين الفصاحة والحصافة، ومفردات لغتها واسعة سعة المحيطات، سخية سخاء أرض الإمارات، ثرية ثراء العقول المبدعة في إذاعتنا الذكية، لذا أتمنى وهذا رجاء وليس انتقاداً، أن نعود إلى الأصل، وألا تبهرنا غير حروف لغة الضاد، فهي سندنا وهي شمعتنا ونبراسنا ومتراسنا.فإذاعة القرآن، هي الأولى من غيرها، بالغرف من معين لغة القرآن، فهي منه وإليه وفيه ترتقي، وتعلو هامتها، وتسمق قامتها، وتضيء نجومها، وتمطر سحاباتها، وتنشد طيورها، وتورق أشجارها، وتتفرع أغصانها، ويخضر عشبها وتروى تربتها، وتلمع قلادتها، ويزدان نحرها، ويعلو كعبها. إذاعة القرآن من أبوظبي، تألقت بطرحها الجيد والجريء، ونريد لها ألا تطفئ شمعة اللغة بعنوان لا يمت للغتها بصلة، نريدها كما هي، بعفوية المذيعين الشباب الأفذاذ، والذين يرسمون البسمة على الوجوه، وينثرون البهجة في النفوس، ويشيعون جواً ثقافياً دينياً، نحن في أمس الحاجة إليه، لأنه يعبر عن طموحات ديننا الحنيف، ويصب في نهر توجهات قيادتنا الرشيدة، التي أولت اهتماماً بالغاً بثقافة الحب، وأخلاق الدين وقوة البصيرة.. إذاعتنا نريدها أن تُكمل معروفها، وألا تتخلى عن لغتنا، لا في عنوان ثابت أو في مفردة متحركة، ولأنها إذاعة متميزة، فهي تمون علينا ونمون عليها، ولذلك نطالبها دوماً، بتحسين الحسن، وتجويد الجيد، وتأكيد الثوابت التي لا مفر من التعلق بها لأنها الطوق الذهبي الذي نعلقه على أعناقنا، ونملأ به صدورنا، ونتباهى بخصوصيته دون الآخرين.. أتمنى أن يكون لهذه الكلمات ما تتقبله الصدور برحابة ويمر على القلوب كسحابة تمطر ولا تكدر.