علي أبو الريش
يبدو أن الحوثيين، ومعهم علي عبد الله صالح، أخطأوا في الحساب، وظنوا أن ما حصل في ليبيا وبلدان عربية أخرى يمكن أن يتكرر في اليمن، متوهمين أن البوصلة العربية غائبة، وأن اللحمة ممزقة، وأن العمل العربي المشترك في عداد المفقودين، ولذلك فإن أعداء الأمس توحدوا على رؤية تكتيكية، ليجهضوا وحدة اليمن، ويقضوا على ما تبقى منه من مقدرات وبنية تحتية، تحت ذرائع وهمية، سال لها لعابهم.
ولم يفطن المتحالفون الأشرار، «الحوثي وصالح»، أنهم لن يستطيعوا أن يشربوا من النهر مرتين، وأن دوران الساعة لا يعيد الزمن إلى الوراء، وأن في الخليج والجزيرة العربية هناك رجالا نبلاء لا يغض لهم طرف على ظلم أو ضيم، وأن ما أصاب الشعب اليمني لهو الطاعون السياسي في العصر الحديث، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على من يتعشم الخير في أهله، ولا يجد غير المطامع الشخصية والأوهام والنزعات الطائفية البغيضة.. إذاً جاءت هبة عاصفة الحزم، لتقطع دابر هذا الزبد، ولتنهي مرحلة دامية من زمن اليمن على أيدي أطراف تسلحت بالحقد، وباعت الأهل والبلد والولد، لحساب أجندات خارجية، لا غرض لها غير الاستيلاء على اليمن، وتكبيله ضمن سلاسل سوداوية مقيتة.
هذا الظلم التاريخي الذي وقع اليمن ضحيته لم يكن ليحصل لولا وجود أصحاب النفوس الضعيفة، والعقول الخفيفة، والأفكار السخيفة التي قادتهم إلى خنادق العدوان، وتشريد اليمنيين، وتجريد البلاد والعباد من أي إمكانات للحياة، نحن لا نوجه اللوم مباشرة إلى دول إقليمية بذاتها تخطط وتربط مصير قوتها بالاستيلاء على مستقبل الآخرين، وإنما نوجه الاتهام المباشر إلى الذين يرخصون الشرف الرفيع، لأجل انتماء وضيع لطائفة أو ملة أو عرق، هؤلاء الذين يعيشون غارقين في الدهشة، تغريهم الشعارات البراقة، فينسون أنفسهم، وينسون أوطانهم، ويذهبون لاهثين وراء السراب، فتراهم سكارى وما هم بسكارى، لكنهم في النهاية يغيبون تائهون ضائعون، لا بد من بترهم والتخلص من أدواتهم، ليعيش اليمن سعيداً مرفهاً بإرادة المخلصين الصادقين.