أحلام تنبش في الذاكرة

أحلام تنبش في الذاكرة

أحلام تنبش في الذاكرة

 صوت الإمارات -

أحلام تنبش في الذاكرة

علي أبو الريش

في الطريق إلى فهم الواقع العربي الراهن تصطدم بجدار سميك من الغموض، تحاول أن تستدرج التاريخ فتجده كسولاً لا يفضي عن شيء ذي معنى ودلالة. تنبش في الذاكرة، تجدها مزدحمة بالصور والمشاهد المؤذية للوجدان، تفكر لماذا نحن في هذه المنطقة المطوقة بقلائد ناصعة فقط الذين نعاني من روماتيزم المفاصل، فلا نحرك ساكناً باتجاه التطور ولا تطرف جفناً إزاء ما يحصل في عالمنا وكأننا نعيش في كتلة نارية تأكل الأخضر والأصفر.. عندما تحاول أن تستفتي الضمير عما طرأ واستجد وتفشى من خلايا جهنمية، عاثت وتفشت مثل إنفلونزا الطيور فأرهقت وزهقت وأراقت من الأعمار والأثمار حتى بدا عالمنا العربي مثل شجرة أسطورية بائسة مجردة من الأغصان والأفنان.. عالمنا العربي الذي تورمت رؤوسنا ونحن نقرأ عن تاريخه المذهل، واليوم يغادر التاريخ ويسكن بقعة داكنة، كطائر ملَّ النور، فاستمرأ الظلام، يمضغ تحت جنحة خيباته وهزائمه، ونكباته معطياً للعالم ظهره، وكأنه يود أن يرحل بسرعة فائقة إلى الأبدية الزائفة، ويقطن هناك مع الكائنات المنقرضة.

دائماً ما نكرر لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، ولكن مثل هذه العبارة، باتت مثل قماشة تالفة لا تغطي الجزء الأكبر من الجسد فتبقيه عارياً، تصفعه الرياح بقوة، حتى أصبح هذا الجسد عرضة لعوامل التعرية، التي مثل العظام الناتئة والضلوع البارزة و أعواد كبريت مطفأة.. فيا ترى هل التاريخ كان مجرد مزحة، أو نكتة أم أننا نحن الذين خرجنا عن دائرته وبقينا نطوف حول ديار سلمى، ونقبل ذا الجدار وذا الجدار، ونعيش فقط على ذكريات منتهية صلاحيتها.. وأكاد أصدق أن كل ما كتب في التاريخ، مجرد مسرحية هزلية، هدفها إضحاك الذين يحلمون بالأمل، مثلما يحلم الطفل الرضيع بصورة أمه، الذاهبة إلى دار البقاء.. أكاد أصدق، كل هذا وأنا أرى بلدانا عربية تتآكل مثل ألواح خشبية عفى عليها الزمن، وبلدانا عربية، غادرت منطقة الحياة، مندفعة إلى بدايات جاهلية مزرية، وبلدانا عربية، يتطاحن فيها البؤس العقائدي، وتتناطح الرؤوس، مثل الثيران الإسبانية، وبلدانا عربية، باءت كل محاولات إعارتها إلى الصراط المستقيم بالفشل الذريع.

وأصبحنا نتذكر فقط أن في رقعة من تضاريس الأرض كانت هنا دولة وأصبحت الآن هشيماً ذميماً، والناس فيها يتداولون الأسى، بكل فجاجة.. كل ذلك تم في وضح النهار وبذريعة الحرية المشؤومة، والديمقراطية المكلومة، وحقوق الإنسان، المشكوك في ذمة من نادوا بها، وطرحوه كديدن للحياة.. كل ذلك حصل والشعوب فرحة، كفرحة الأطفال بالدمى المقلدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحلام تنبش في الذاكرة أحلام تنبش في الذاكرة



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates