علي أبو الريش
في أبوظبي، كل ناصية، وكل شارع، كل بقعة محاطة بحزام أخضر، يلهو عند أعشابه الطير، رافلاً بفرحة النجوم، ناشداً حلم الخلود والوجود الذي أصبح حقلاً وسهلاً، في العاصمة البهية.
في أبوظبي، نزع الطير أجنحة الريش، وحلق بقصاصات الأوراق الخضراء، عانق السماء بعينين صافيتين، سجت في حدقتيهما صورة العاصمة المثالية.. لذا استحقت أبوظبي أن تتوج كعاصمة للبيئة العربية، اعترافاً من العالم أجمع بالجهد الذي تبذله الدولة، لأجل سماء زرقاء، وأرض معشوشبة بالفرح، وفضاء نجومه طيور حدقت في الوجود فما وجدت بلداً ترتاح فيها الأجنحة غير أبوظبي.
هنا في العاصمة، البيئة الطبيعية تماهت، والبيئة النفسية لإنسان أحب أرضه، فألبسها الاستبرق وأسكنها فسيح مشاعره، ومنحها الشوق كل الشوق، منحها التوق وما تباهت به النوق، وما تألق في الأفق، وما اشتاقت إليه الجياد النبيلة.. هنا في العاصمة البحر يعانق الرمل، بذراع مطوق بالدفء، ويبلل ريق الحياة بعذوبة الالتئام وشفافية الأخفاق المتدفقة حلماً وروياً.
هنا في العاصمة، الناس فراشات ترتع عند هامات الزهور، وترشف من عطر اللون والصون، ثم تمضي في فضاءات بيئة، ازدهرت بعافية النظافة، وازدهت بصمة اللباقة في التعاطي مع مكونات الجغرافيا، ومعطيات التاريخ.
هنا في العاصمة، الأغصان كفساتين نساء، فصلت بلياقة وأناقة، فتمايلت جذلة، فرحانة بالحياة، سعيدة بهذا المنجز الحضاري الذي أصبح نصب أعين العالم ومكان اهتمامه، والمنطقة التي تهفو إليها القلوب، وتتفتح حولها الدروب، ولا خيوط إلا خيوط شمس أبوظبي هي أهداب عين الظبي، هي نسيج الحلم، في عيني طائر عشق التغريد، فأرسله إلى العالم رسالة موشحة بالحب، مرصعة بالمعاني الجميلة والخصال النبيلة.. هنا في العاصمة، يخرج الكون من جلبابه السحري، ليقرأ فنجان أبوظبي، يقرأ ما أبدته قصيدة الطبيعة من قوافٍ عند منازل الذين أبدعوا في صياغة الوطن، وصناعة مجده، الذين أحبوا الوطن فحبب الله في قلوبهم العناية بشأنه، حتى صار الوطن قصيدة مغناة، يرفع شدوها الطير، وتصفق النجوم ريانة بعذب ما ينعكس على صفحات الماء، من صور شاهقات تلهب المشاعر، وتثري المهج.