علي أبو الريش
«لغتنا هويتنا، علينا أن نحميها وننميها»، عبارة تلمع بجمال الدلالة وحسن المغزى، يدلي بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، محتفياً بلغة القرآن، راسماً صورة المعنى في أهمية اللغة، كشفة ولسان، وتبيين وبيان، ويقين في الهوية وإتقان، هي لغتنا العربية التي طالب سموه شبابنا بأن يعتنوا بلغتهم قراءة وكتابة، وأن يستقوا من معينها عذب ثقافتهم، ليرتووا من معارفها ومغارفها، ويملأوا جعبة العقل من جملها الفعلية التي ساهمت على مدى التاريخ في رفد حضارة الدنيا وإثرائها بشمولية الحس وعالمية المشاعر.
كيف لا ودانتي عظيم إيطاليا استوحى الكوميديا الإلهية من رسالة الغفران لأبي العلاء المعري مستفيداً من غزارة اللغة، وبُعد الأفق، وسعة الفضاء الفكري الذي حامت فيه لغة من أجمل لغات الدنيا.
واليوم، وبعد أن أصبحت الإمارات واحة ترفرف في سمائها أجنحة طيور من مختلف الجنسيات والأعراق، صار لزاماً على هذا الجيل أن يعتني بلغته، وأن يجعلها منارة وقيثارة، يعزف على أوتارها لحن هويته ومكانة تاريخه، حتى لا يذوب اللسان في لهيب اللغات المتكاثفة، وتصير اللغة الأم غريبة الوجه واللسان.
الجيل الحاضر عليه مهمة حفظ الود مع اللغة العربية، وعليه مسؤولية الالتزام الأخلاقي والديني والتاريخي تجاه هذه اللغة، حتى لا تضيع في الزحام، ويتيه هو في غربة الشفتين.
حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يجب أن يوضع على صفحة القلب، ويكتب عليها: (هنا ممنوع المساس بهذه الشجرة)، لأنها تحمل ثمرات تاريخ وهوية، هنا في القلب تسكن عبارة هي من صلب رؤية وفلسفة رجل آمن أن اللغة شمعة، إن أطفأتها تاهت الدروب، وضاعت العيون في زحمة المتسابقين من أجل الفوز بمجد عمادة لغة رصينة رزينة، وفكر لا يتخلى عن حقه في الوجود.. لغتنا هويتنا، كلام في الصميم، وعبارة لا تقبل التخمين، بل هي في اليقين والإيمان، هي صرخة الإنسان عندما يكون البيان في اللغة أساس البنيان وصلابة البنان.