بين قميص هنية وثأر إيران

بين قميص هنية وثأر إيران

بين قميص هنية وثأر إيران

 صوت الإمارات -

بين قميص هنية وثأر إيران

بقلم: جبريل العبيدي

بين إخفاق مخابرات إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 في حماية مواطنيها وجنودها، وإخفاق مخابرات إيران في حماية ضيفها إسماعيل هنية من الاغتيال وسط طهران، أصبحت المنطقة تعيش على صفيح ملتهب، وليس ساخناً فقط، فالحرب لم تضع أوزارها في غزة وما جاورها بعد، ولا أعتقد أنه بات قريباً، بعد مقتل الشيخ إسماعيل هنية زعيم حركة «حماس» في إيران، وفي قلب مجمع «الحرس الثوري» الإيراني، وبقنبلة مزروعة، كما ذكرت تقارير صحف أميركية، منها «نيويورك تايمز»، وأكّدها ناطق الجيش الإسرائيلي، الذي قال إنه لم يكن هناك هجوم صاروخي، ولا عبر الطائرات ليلة اغتيال هنية، ما يؤكد فرضية القنبلة المزروعة المستخدَم فيها الذكاء الاصطناعي، وسواءً كانت قنبلة مزروعة أو صاروخاً، أو حتى مسيّرة، فجميعها لن تنفي حالة الاختراق الأمني الكبير الذي تعاني منه الجمهورية الإسلامية في إيران، بسبب حالة الإرباك، وصراع القوى داخل أجهزة النظام الإيراني، ما جعلها ضحية سهلة لعملاء الموساد بالتغلغل داخل مخابئ وكواليس أجهزة الدولة، التي ينبغي أن تكون أكثر أمناً، ولكن ما حدث كان العكس، والدليل اغتيال ضيف كبير بحجم إسماعيل هنية وسط أكثر الأماكن أمناً، أو المفترض أنها آمنة، بل ومُحصَّنة تحصيناً جيداً، وإذ بالكارثة أنها قنبلة مزروعة، وليست هجوماً صاروخياً عجزت عن إسقاطه أجهزة الدفاع الصاروخي، ومؤشرات الاختراق ليست في حادث مقتل هنية، بل هي في مواطن وحوادث كثيرة من الاغتيالات كانت في وسط إيران، بل وطهران العاصمة تحديداً.

فالاغتيال كان قراراً مغامِراً لنتنياهو، المعنيّ الرئيسي بالاستمرار في الحرب لخدمة مصالحه الشخصية والحزبية، شاركه فيه بعض وزراء اليمين ممن ينفخون في بوق الحرب الكونية، وتحويل الحرب من غزة إلى حرب إقليمية، قد لا تقف عند عتبات المحيط الإقليمي، بل قد تجرّ العالم نحو حرب دولية ليست ثأراً لقميص هنية، ولا شكر، ولا حتى سليماني، بل هي حرب كسر عظم قد تنتهي بصراع وجود، رغم التطمينات التي يطلقها سياسيون أميركيون بأن الحرب لن تجرّ المنطقة لحرب إقليمية، ومنها رسائل بلينكن وزير خارجية أميركا، التي تدعو إيران لعدم الرد، ونسيان الثأر، الأمر الذي يعدّ من المستحيلات، خصوصاً بعد مقتل هنية في وسط قصور الضيافة فيها، بيد جواسيس إسرائيل.

مقتل هنية صبيحة تنصيب رئيس إيراني جديد مُوصى به من المرشد، عقب مقتل رئيس إيران في حادث سقوط طائرة غامض الملابسات إلى الآن، فهل سيكون قميص دم هنية منطلقَ حروب قادمة؟ أم سيكون الأمر مجرد رد فعل بارد ينتهي برشقات صاروخية، ومسيّرات ستسقط جميعها قبل أن تصل أهدافها؟ صحيح إن المنظومة الصاروخية الدفاعية في إسرائيل لم تنجح لولا الدعم اللوجستي والعملياتي، بل والقتالي للقوات الأميركية والبريطانية والألمانية والفرنسية، التي اعترضت أغلب الصواريخ عبر بارجاتها وأنظمتها المتطورة، وإلا لكانت إسرائيل في موقع صعب لا تُحسَد عليه، رغم أن الهجمة الصاروخية الثأرية الإيرانية في حينها كانت مُعلَنة، وأغلب صواريخها كانت غير محمّلة بعبوات تفجيرية، إنما كانت للتخويف، وإثبات قدرة الوصول للهدف.

قدرات إيران العسكرية محدودة مع التفوق التكنولوجي في منظومات الدفاع الصاروخي، وفي وجود بنك داعم من أساطيل أميركية في المنطقة يمكنها إسقاط أسراب الصواريخ والمسيّرات، كما حدث في المرة السابقة، ولذلك ستبقى خيارات إيران محدودة، وليست مفتوحة، بل وقد تكون أمام صفقة تفاوض بوساطة أميركية لضربة شكلية في مقابل ملفات تسوية في المنطقة.

مقتل هنية وهو الواجهة السياسية لحركة «حماس»، رغم أنه ضربة مُوجِعة لـ«حماس» والمقاومة، لكنه ليس بالقائد العسكري، ولا المدبِّر العملياتي للمعركة والحرب، وبالتالي مقتله لن يغير شيئاً من معادلة الحرب والرصاص والموت، وإن كان سيغير في معادلة المقاومة الفلسطينية ومسار المفاوضات، رغم أن إسرائيل تقول إنه أشد من السنوار تصلُّباً في مفاوضات تبادل الأسرى والرهائن وإيقاف الحرب.

بعد اغتيال هنية على أراضيها بالتأكيد إيران سترفع قميص هنية لتنتزع ولاية الدم والثأر، وتوظيفها في معركة الثأر لسيادتها المنتهَكة استخباراتياً وأمنياً، حتى من قبل مقتل هنية، وفعلاً رفعت الرايات الحمر رغم أنها ليست المرة الوحيدة، فقد سبق رفعها عند اغتيال قاسم سليماني، وهذا نصر الله ذراع إيران في جنوب لبنان، يؤكد أن الرد سيكون نوعياً لا شكلياً، واعتبرها معركة مفتوحة، وأن جبهته ستكون جزءاً من المعركة، وليست جبهة إسناد، وهي معركة مفتوحة، ومرحلة جديدة من الحرب متعدِّدة الجبهات، في ظل تقاطُع الحسابات الإقليمية والدولية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين قميص هنية وثأر إيران بين قميص هنية وثأر إيران



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار

GMT 08:09 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يُثني على النجم أبو تريكة ويعتبره نجم كل العصور

GMT 19:44 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"شانيل" تبتكرُ قلادة لؤلؤية بطول 60 قدمًا

GMT 16:32 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

كنيسة قديمة تتحول إلى منزل فاخر في جورجيا

GMT 16:59 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

جاكوبس تروي تفاصيل "The Restory" لإصلاح الأحذية

GMT 17:32 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مقتل صاحب إذاعة موسيقية خاصة بالرصاص في طرابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates