إيران بين الحرب والأزمات المتراكمة

إيران بين الحرب والأزمات المتراكمة

إيران بين الحرب والأزمات المتراكمة

 صوت الإمارات -

إيران بين الحرب والأزمات المتراكمة

بقلم : جبريل العبيدي

إيران بين سندان الحرب ومطرقة الأزمات المتراكمة، فالأزمة الإيرانية كبيرة ومتراكمة ومتفاقمة، وإذا لم يَفِق سياسيو إيران من غيبوبتهم عن الواقع المأزوم، ستكون النتائج كارثية على السلطة في إيران وعلى المنطقة إقليمياً، فاللعب بالنار والحرب لا يمكن أن يأتيان بالسلام والاستقرار سواء كانت حجج السلوك الإيراني، الذي هو مسببهما، الرد والثأر أو العربدة الإسرائيلية، فالنتيجة واحدة على المنطقة.

في مقابل إطلاق إيران مئات الصواريخ باتجاه إسرائيل، كانت النتيجة أن تم اعتراض بعضها وأصاب بعضها القليل إسرائيل دون أضرار تُذكر، وهذا هو الهجوم الثاني الذي تشنه إيران هذا العام، بعد أن أطلقت مئات الصواريخ والطائرات من دون طيار على إسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي، مما أعطى انطباعاً عسكرياً بعدم جدوى الهجمات الإيرانية بسبب فشل أغلبها.

تواجه إيران تحدياً خارجياً وداخلياً ما بين اختراق منظومتها الأمنية في أعلى الهرم، وفقدانها قادة أذرعها في المنطقة، ولعل اغتيال نصر الله وخلفه صفي الدين ليس ببعيد عن مقتل إسماعيل هنية في جبة البيت الإيراني وسهولة وصول إسرائيل إلى أهدافها، وتلك التي قصمت ظهر البعير، وأظهرت حجم الاختراق الأمني إن لم تكن «الخيانة» بمفهومها الصريح دون خجل داخل كبار القادة الإيرانيين، الذين كثيراً ما تغنوا بالطاعة والولاء للولي الفقيه.

اغتيالات هنية ومن بعده نصر الله ثم صفي الدين، الخليفة الافتراضي لحسن نصر الله، وقادة كبار آخرين، شاكر وقبله مغنية، وُصفت جميعها بأنها «اصطياد» سهل قامت به إسرائيل، مما عزز تكهنات أنصار نظرية المؤامرة التي طالت السلطة في إيران بالتهم بالتخلص من أذرعها مقابل تسوية ملفات أخرى، ولكنّها تبقى تكهنات لا دليل عليها سوى الكهانة ونظرية المؤامرة في غياب أي مصدر يؤكد أو يفسِّر بشكل مقبول أسباب هذا «الاصطياد» السهل جداً لقيادات بهذا الحجم، ومن قبلهم علماء ذرة وقادة في «الحرس الثوري» على رأسهم قاسم سليماني.

الأذرع العربية لم تتلقَّ أي حماية أو سياسة ردع لإسرائيل من مهاجمة أذرع إيران، على العكس من ذلك نرى عربدة إسرائيلية، بل وتباهياً بالقتل والتدمير لأذرع إيران العربية في غزة ولبنان واليمن، وجميعها من «حزب الله» و«حماس» و«الحوثي» تدور في فلك إيران دون أن نرى أي فزعة حماية من الجانب الإيراني رغم أنها جميعاً كانت إيران تستخدمها في مواجهة إسرائيل و«أعداء» إيران بمفهوم السلطة الحاكمة في إيران.

إيران تعيش منذ فترة ما بين السلطة المأزومة داخلياً وخارجياً، والحرب الخارجية في ظل معالجة بالاختباء خلف الإصبع كأن الأزمة انتهت أو يمكن القفز عليها أو أنه يمكن تسويتها بملفات أخرى في المنطقة تمتلك إيران مفاتيح التحكم فيها من خلال أذرعها مثل «حزب الله» في لبنان والعراق أو «الحوثي» في اليمن، والتي كثيراً ما توظِّفها في تسوية أي نزاعات إقليمية أو تهديد داخل إيران.

سلطات إيران لم تعد تواجه مظاهرات الدول التي توجد فيها أذرعها الميليشياوية كلبنان والعراق، بل أصبحت تواجه الغضب الداخلي المكبوت والمتفاقم، في تلك البلدان التي استفاقت شعوبها من غيبوبة التخدير باسم المقاومة، فالمظاهرات الشعبية الإيرانية الساخطة وقودها الفقر والجوع والبطالة وغلاء المعيشة، وليس «المندسين» و«العملاء» و«الشيطان الأكبر» إلى آخره من المصطلحات المتكررة في كل معالجة لأزمة تواجه السلطة في إيران، ولكن الحقيقة أن المشكلة داخلية مطلقة وليست مؤامرة خارجية وإن طغت في هذه الأيام الحروب والملاسنة الصاروخية مع إسرائيل.

أزمات مكبوتة ومقموعة، يعاني منها الشعب الإيراني منذ تسلم نظام «ولاية الفقيه» واستخدام العصا الغليظة لقمع المعارضين في الداخل من خلال قوات أمن الباسيج و«الحرس الثوري».

تعاني إيران نسبة تضخم أكثر من 40 في المائة حالياً، ونسبة نمو تكاد تكون معدومة، وبطالة وعقوبات اقتصادية خانقة، جميعها تجعل خزينة الحكومة فارغة، والبلاد غارقة في مستنقع المرض والجهل والبطالة التي تجاوزت 15 في المائة وتضخم مال في ازدياد مطرد في بلد يعد منتجاً رئيسياً للنفط.

أزمات إيران ليست في العقوبات الخارجية كالتي تُسمى استراتيجية «الضغط القصوى» ضد السلطات في إيران، ولكنها في أزمات متراكمة عبر سنين طويلة من الاقتصاد المنهك بمصروفات خارج حدود إيران متجاهلةً سبل العيش الكريم في الداخل، بسبب تركيز سلطات إيران على أذرعها في الخارج ودفع مصاريفها بسخاء على حساب الداخل الإيراني، مما تسبب في حالة سخط داخلي غير مسبوق يهدد بالانفجار قبل أي انفجار يأتي من الخارج.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران بين الحرب والأزمات المتراكمة إيران بين الحرب والأزمات المتراكمة



GMT 19:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 19:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لو أنه أنصف لبنان

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مأساوية الحرب وأفكار النهايات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 صوت الإمارات - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates