حماية الفسيفساء السورية

حماية الفسيفساء السورية

حماية الفسيفساء السورية

 صوت الإمارات -

حماية الفسيفساء السورية

بقلم: جبريل العبيدي

للحفاظ على السلم المجتمعي في سوريا، لا بد من حماية الفسيفساء الطائفية والعرقية فيها، المتنوعة من مئات السنين، وسوريا ليست استثناء بهذه الفسيفساء والتنوع الإثني وإن كان وجودهم اليوم في جماعات صغيرة أو كبيرة، تسعى إلى التعايش السلمي في ظل الوطن بحقوق مواطنة كاملة، هو الغالب بين الجميع، على الرغم من أنَّ سوريا أرض عربية وستبقى كذلك.

الفسيفساء السورية الإثنية بين عرب وتركمان وأرمن وأكراد إلى طوائف بين مسلمين سنة وشيعة ومسيحيين ودروز، حيث يشكّل المسلمون السنة الغالبية الساحقة من سكان سوريا؛ إذ تتجاوز نسبتهم 74 في المائة، تشكل الطائفة العلوية ثاني أكبر طائفة في سوريا؛ حيث تمثل نحو 12 في المائة من إجمالي السكان، والمسيحيون ثالث أكبر طائفة في سوريا؛ إذ كانوا يشكلون 10 في المائة من السكان، بينما تقدر نسبة الدروز في سوريا بنحو 3 في المائة من إجمالي السكان.

ولتتحقق المواطنة الكاملة للجميع، فلا بد من التحرر من أي تعصب قومي أو إثني أو قبلي أو حزبي والتخلص من الشنفونية له، والابتعاد عن منهج التصادم والتضاد، ليصبح المعيار الحقيقي للاندماج الكامل هو المساواة في المواطنة، ولهذا يصبح الضامن هو تضمين حق المواطنة الكامل لجميع أبناء الوطن في الدستور، دون النظر إليهم كأقلية تسكن الوطن فيه أو أخرى ينظر إليها غازية أو وافدة إليه؛ إذ ينبغي العمل على التعايش، والعيش كشركاء في الوطن.

لعل مطالبة البعض بمزايا وأمور منفردة ومنعزلة، والتشكيك في انتماء الآخرين للوطن والزعم بامتلاك الأرض وتاريخها لا يخدم الاستقرار والتعايش السلمي.

كما أن الحديث بمفهوم خصخصة الوطن، والنظر فقط إليه من خلال جغرافيا خاطئة أو إثنية أو طائفية؛ هذا النهج والمعتقد الخاطئ والمغالطات التاريخية لا تخدم منطق التعايش في وطن للجميع، بل سوف يقسم البلاد وينتهي بها كانتونات مجزأة.

في ظل هذه الازدواجية عند البعض، يصعب تحقيق الاندماج دون توفر اشتراطاته للتعايش، وعلى رأسها التحرر من العباءة الإثنية، والتعايش ضمن وطن خالص لمواطنيه، دونما استثناء أو انتقاء تسوده سياسة التنمية والحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان والمجتمع المدني الديمقراطي، محاطاً ومحفوفاً بروح التآخي والتعايش من قبل الجميع، بدلاً من محاكاة الوهم والجري خلف السراب، فمن غير المنطقي تغيير الديمغرافيا بعد مضي آلاف السنين، هي بذلك تعرقل الاندماج في الوطن، ضمن معيار حق المواطنة الكاملة للجميع.

سوريا لن تكون إلا واحدة ومحاولة التقوقع في كيان إثني، والانفصال والتقوقع به، ضمن كيان صغير في وطن كبير، يسع للجميع، لن يخدم الوطن أو أي طرف آخر، بل يجعل فئة منه تعاني أزمة هوية بين إخوة الدين والوطن.

التحدي أمام حكام سوريا الجدد هو في كيفية الحفاظ على هذا التنوع الطائفي والإثني، وكيفية مشاركة الجميع في وطن يجب أن يحتكم إلى حق المواطنة لجميع مكوناته وإلا فستكون سوريا أمام شبح التقسيم وهو الهاجس الذي يخشاه الجميع ومن بينهم حاكم سوريا الجديد أحمد الشرع، الذي رفض حتى فكرة الفيدرالية في الحكم في سوريا خشية أن تكون نواة للتقسيم.

رغم أن الطوائف والعرقيات تعايشت سلمياً في سوريا لقرون عديدة، لا يزال خطر الاقتتال بين هذه الطوائف والعرقيات يحوم حول البلاد، مما يثير القلق المحلي والدولي، فوحدة التراب السوري على المحك وهي حقيقة في مواجهة متطلبات التنوع الطائفي والعرقي، الذي يعتبر متنوعاً بشكل لافت للنظر ولا يمكن القفز عليه أو الاختباء خلف الاصبع دون مناقشة كيفية تعايش سلمي للتنوع الطائفي والعرقي، في بلد خرج من حرب ولا تزال البنادق في أيدي الفصائل بمختلف طوائفها وعرقياتها، وبالتالي فطمأنة الجميع تعتبر ضرورة حتمية.

عاشت الطوائف والعرقيات السورية في حالة من التعايش السلمي والتسامح، ومع ذلك، فإن هذا التوازن لم يكن محصناً ضد التغيرات الاجتماعية والسياسية، خاصة في ظل حقبة نظام الأسد الذي وظَّف الطائفة لخدمة النظام، الأمر الذي يقلق الجميع من حدوث حالات انتقام وثأر، قد تنزلق بالبلاد نحو الحرب الأهلية بشرارة طائفية أو عرقية.

الطمأنة التي قدمها قادة سوريا الجدد بحماية الأقليات والتعايش السلمي أمر مهم جداً، إلا أن التخوف مشروع من أي انزلاق نحو الاقتتال، خاصة في ظل تمسك المكون الكردي بسلاحه والإبقاء على مقاتلين من أكراد سوريا بين صفوف فصائل «قسد»، مما قد يتسبب في اقتتال بنيران صديقة، رغم رفع علم الاستقلال في مناطق سيطرة «قسد»، مما يعكس حالة من الانفتاح نحو دمشق.

الحل يكمن في بدء حوار مجتمعي ينتهي بكتابة دستور وطني جديد يحمي حقوق الجميع، ويكفل حق المواطنة للجميع دون تمييز طائفة أو عرق ودون مغالبة أو أقليات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماية الفسيفساء السورية حماية الفسيفساء السورية



GMT 03:07 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

«وشاح النيل»

GMT 03:06 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

2024 سنة نجاحات مغربيّة

GMT 03:05 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 03:05 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الزمن اللولبي

GMT 03:04 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 03:04 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

هل قرأت افتتاحية «داعش» اليوم؟!

GMT 03:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ما تم اكتشافه بعد سقوط النظام السوري!

GMT 03:02 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الكونغرس... وإشكالية تثبيت فوز ترمب

GMT 03:31 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 صوت الإمارات - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 03:47 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 صوت الإمارات - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 صوت الإمارات - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 08:15 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض مسرحية "الغرفة" على تياترو "آفاق" يناير المقبل

GMT 13:50 2012 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين جمعه يطالب بإنشاء هيئة عليا للعقارات

GMT 06:56 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جماهير نادي العين تنقسم بشأن دعمها للنجم عموري

GMT 12:28 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الإذاعة البريطانية "BBC" تواجه تحقيقات جديدة ومتعدّدة

GMT 16:06 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

صناعات غذائية وتجميلية ووقود طائرات من مستخلصات الطحالب

GMT 18:08 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإمارات للدراسات" يشارك في معرض الشارقة للكتاب

GMT 16:33 2017 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

سعيد بن طحنون يحضر حفل تخرج عاد ومعيض المنهالي

GMT 03:07 2014 الخميس ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طقس الإمارات صحو - غائم جزئيًا والرياح خفيفة الخميس

GMT 00:10 2021 الثلاثاء ,07 أيلول / سبتمبر

أفكار لتجدّيد ديكور غرف النوم الرئيسية "المودرن"

GMT 20:41 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates