الهجرات في أوروبا حول سياسات الاندماج

الهجرات في أوروبا... حول سياسات الاندماج

الهجرات في أوروبا... حول سياسات الاندماج

 صوت الإمارات -

الهجرات في أوروبا حول سياسات الاندماج

فهد سليمان الشقيران
بقلم - فهد سليمان الشقيران

يمثّل تحدي الهجرات نحو فرنسا تحدياً كبيراً، بل موضوع صراع بين الأحزاب اليسارية واليمينية وتيارات الوسط، إنها هجرة تصنع تعقيداتها، وتفجّر مشكلاتها، حيث وجد بعض العرب والمسلمين في أوروبا منطقة لجوء من الحروب الأهلية، والانقلابات العسكرية، وتحولات السياسة والجغرافيا.

يمتد تاريخ الهجرات لمرحلة ما قبل التصنيع، ولم يقتصر الأمر على أوروبا بل شمل أميركا اللاتينية والبلدان الأنجلوساكسونية، وصولاً إلى الهجرات في القرنين التاسع عشر والعشرين، والتي شكّلت أجيالاً متعاقبةً، اندمجت في المجتمعات وانخرطت في النظام المؤسسي المجتمعي بشكلٍ عام، ولهذا تاريخ يمكن مطالعته بشكلٍ موسع في كتاب: «تاريخ الهجرات الدولية» لأستاذة التاريخ المعاصر في جامعة تورينو في إيطاليا، باولا كورتي، التي لها كتب سابقة عن «بلدان المهاجرين»، و«المجتمع الريفي»، وفيها بدأت بتاريخ الهجرات إلى أوروبا عبر كثير من المجتمعات، سابرةً تحولاتها عبر القرون وحتى العصر الحديث.

أما في ما يخصّ العرب والمسلمين، فإن توالي الهجرات المليونية بسبب المشكلات والأزمات فجّر الكثير من الأسئلة التي تتعلق بسياسات الاجتماع، وعلاقات الأفراد، ومستوى الاندماج. وقد شكّلت نكبة فلسطين، ومن ثم الحرب الأهلية اللبنانية 1975، وصولاً إلى الحرب السورية، عدداً من الأجيال المهاجرة التي تتعدد بأنماط ثقافتها وأشكال انتمائها، ثم إن الأزمات تتفاوت -على سبيل المثال- بين الحالة في فرنسا عنها في ألمانيا أو هولندا، بحسب مستوى تنامي المشاعر المحافظة في كل مجتمع.

الدكتورة آمال موسى تأملت مليّاً في مفهوم «الإدماج» حيث كتبت بمقالةً تحت عنوان: «الإدماج: المعنى السحري» قولها: «كلمة (الإدماج) من الكلمات الأكثر تداولاً اليوم في الخطابات السياسية وفي وسائل الإعلام وفي الخطط التنموية الوطنية أو الإقليمية والدوليّة. والملاحَظ أنها من الكلمات والمفاهيم القليلة التي تجمع في الوقت نفسه بين وظيفتي الهدف والآلية، أي إن الهدف من الإدماج هو الاندماج. أيضاً نشير إلى أن مفهوم الإدماج الذي تسلل بقوة إلى الخطاب والقاموس المتداول في شتى أشكال الاتصال ومضامينه، إنّما هو مفهوم ينتمي إلى حقل فكري بامتياز وتحديداً إلى الحقل السوسيولوجي وصاحبه عالم الاجتماع الشهير الفرنسي إميل دوركايم الذي عُرف بدوره الكبير في إثراء معجم علم الاجتماع بمفاهيم غنية وبأطروحاته التي لا تزال ذات أهمية على غرار كتابه حول العناصر الأساسيّة للحياة الدينية أو دراسته الشهيرة حول ظاهرة الانتحار، ما يعنينا في هذا السياق هو أن مفهوم الإدماج لم يعد استعماله مقتصراً على البحوث العلمية الفكرية، بل إنّه صار من المفاهيم الرائجة والمفهومة على نطاق واسع ومشاريع كثيرة تحمل هذا المفهوم اسماً لها».

هذا ما يناقشه بعض الخبراء في كتاب صدر عن مركز المسبار بعنوان: «الإسلام في فرنسا: الإخوان - الإرهاب - المعالجة»، ويهمنا موضوع «الإخوان» لأنهم يضعون العصيّ بالدواليب كلما طرحت فكرة الإدماج، هذا ما دفع ماهر فرغلي لأن يصل لنتيجةٍ مهمة مفادها: «أن معضلة فرنسا الآن مع جماعة الإخوان المسلمين تتمثل بعملية التثبيت والتموضع التي تمت لمنظمات وجمعيات إسلامية في دول القارة؛ ومع التغيرات والتحولات الجارية الآن، بدأت تعيد تشكيل ذاتها، وفي الوقت الذي تستقبل القارة العائدين من أماكن التوترات، وتستمر عمليات الذئاب المنفردة، هناك محاولات منظمة ومنسقة من الإسلام السياسي، وتحديداً (الإخوان) والمنظمات المتفرعة منه تحت مختلف الأسماء والواجهات، للاستمرار في هذا التموضع. حيث سمت مجموعة من العوامل تساعد هذه المنظمات على تعزيز قوتها، أهمها تلك الخبرة الفائقة التي كسبتها تيارات الإسلام السياسي في استغلال ما في الغرب من قيم الحضارة الحديثة مثل، الديمقراطية، وحرية التعبير، وحقوق الإنسان، وحرية العبادة، وتغيير الدين والمعتقد، والاعتراف بتعددية الثقافات، وغيرها من التسهيلات، وكذلك بيروقراطية إجراءات الغربيين الإدارية والقضائية، مما سمح بتمرير الإخوان بأشكال جديدة». ويخلص في دراسته إلى «أننا الآن في المرحلة الأخطر وهي تحول الإخوان إلى تيار عام، وانفصال جميع المؤسسات الإخوانية العاملة عن العمود التنظيمي للجماعة، لتعمل من خلال (5) محاور، الأول: وهو المدخل الآيديولوجي، والثاني: عن طريق المستقلين، والثالث: عن طريق الدوائر الاقتصادية، والرابع: عن طريق شبكة الجمعيات والمساجد، والأخير: عن طريق قطاع متخصص في التواصل مع التنظيم العالمي».

على الضفّة الأخرى يتناول أبو الفضل الإسناوي قصّة اليمين المتطرف تجاه الإسلام حيث يكتب: «إن ترويج أحزاب اليمين المتطرف لأفكارها المناهضة للإسلام، لجذب أنصار في الداخل الفرنسي، ومطالبتها بحظر المنظمات الإسلامية، سيكون له تأثيرات محتملة على وجود جماعة الإخوان، كما أن ثمة تحديات وجودية، وعقبات تواجهها جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا بعد صعود اليمين المتطرف في بعض الدول الأوروبية، قد تؤدي إلى انحسارها، وتجفيف منابع تمويل مؤسساتها في تلك الدولة، خصوصاً أن تيار اليمين المتطرف، المعادي لها، أصبح فاعلاً سياسياً واجتماعياً ومؤثراً في الداخل الأوروبي».

الخلاصة؛ أن مشكلات الهوية في الهجرات الأخيرة بدت واضحةً، وذلك بسبب ارتباط كثير من المهاجرين بأدبيات وآيديولوجيات، فمعظم اللاجئين لديهم توجهاتهم السياسية، وانتماءاتهم ليست دينية صرفة وإنما تتخذ طابع الآيديولوجية الدينية، بعضهم قام بتحطيم محلاتٍ تبيع المحرمات، وقاموا بخرق القوانين من أجل فكرة فقهية، وهذه مخالفة لقوانين البلد موضع اللجوء وتشويه لصورة المسلمين في البلد الذي اختاره المهاجر ملاذاً من الاضطهاد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهجرات في أوروبا حول سياسات الاندماج الهجرات في أوروبا حول سياسات الاندماج



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 02:36 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 صوت الإمارات - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 02:18 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

الخليفي يحسم موقف باريس سان جرمان من ضم نجم ليفربول صلاح
 صوت الإمارات - الخليفي يحسم موقف باريس سان جرمان من ضم نجم ليفربول صلاح

GMT 00:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 صوت الإمارات - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 09:15 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 19:12 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 20:20 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 11:21 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 10:58 2012 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"البرلمان الأوروبي" يمنع قطع زعانف سمك القرش في البحر

GMT 13:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن راشد يهنئ المواطنين هاتفيًا بـ"اليوم الوطني"

GMT 15:55 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

منزل غريب في نيوزيلندا يصلح للشخصيات الخيالية

GMT 19:23 2017 الأحد ,06 آب / أغسطس

خالد باوزير يعود إلى تدريبات الوحدة

GMT 12:20 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

التليفزيون المصرى يعرض أول مسلسل صيني في الشرق الأوسط

GMT 21:50 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد للطيران تعلق رحلات أبوظبي " دالاس فورت وورث " في 2018

GMT 07:01 2017 الخميس ,07 أيلول / سبتمبر

شركة يابانية تكشف عن أسرع سيارة في العالم

GMT 22:12 2021 الأحد ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وضعيات "يوغا" تقلل من تساقط الشعر

GMT 08:44 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

فساتين راقية بلمسات شرقية لها سحرها الخاص
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates