عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي

عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي

عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي

 صوت الإمارات -

عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي

بقلم - فهد سليمان الشقيران

بعد أحداث الشغب المصاحبة لانتخابات فرنسا وموريتانيا نعود لتعميم مفهوم الدولة الذي طرحته بالمقالتين الماضيتين؛ إذ لم يكن الفهم التقني الأداتي للديمقراطية إلا ضمن الحيل الثورية، ذلك أن رسم خطط الخلاص لأي مجتمع يحتاج إلى شعارات برّاقة وجماهيرية وساحرة، وكان لمفهوم الديمقراطية دوره في إشعال جذوات الحماس لدى الحركات الراديكالية، والتحركات الجماهيرية الثورية.

يؤرخ جورج طرابيشي لذلك في كتابه «في ثقافة الديمقراطية»؛ وتحديداً للحظة نشوء التصوّر المتواضع للديمقراطية إذ يعتبر أن «القرن العشرين بقدر ما كان في نصفه الأول قرن الآمال الثورية العريضة، كان في نصفه الثاني قرن الكوابيس التوتاليتارية والبيروقراطيات السلطوية. وخيبة الأمل بالثورة هذه هي التي فرضت طوال حقبةٍ مديدة تصوراً متواضعاً وإجرائياً للديمقراطية بوصفها محض آلية للحد من سلطة الدولة وهيمنتها».

بمعنى آخر فإن الجلبة اليسارية أضعفت المفهوم وتنوع مجالات اشتغاله، وتعدد وظائفه وتداخله مع مجالاتٍ ومفاهيم أخرى تعمل بنتائجها على أرض الواقع.

من ذلك جاءت المحاججة اليسارية حول دول الخليج والمعنى الديمقراطي بوجه التنمية والرؤى الاقتصادية، وذلك بغية إفراغ المؤسسة السياسية الخليجية من أي بُعد ديمقراطي وكأن الغاية الوحيدة للمفهوم تتلخص بالانتخاب البرلماني أو الرئاسي، بينما الغاية من تلك الآلية وصول الحاكم ضمن تجاوب بين الحاكم والمحكوم، وهذه آلياته موجودة في صيغ البيعة وأسس الشورى المعمول بها في دول الخليج.

إننا لو عدنا إلى فلاسفة العقد الاجتماعي الأساسيين الستة وهم: توماس هوبز، وجون لوك، وروسو، وكانط، وهابرماس، وراولز، لعثرنا على تعريفات متواطئة لمعاني القبول بالتفويض السياسي، هذا مع الاختلاف في توصيف شكل القبول، ومعايير العدل، وشروط اندماج المواطن في شروط الحكومة. لدى هوبز مثلاً فإن علامات التعاقد تكون صريحةً أو عن طريق الاستدلال، بينما يعرّف جون لوك القبول الضمني كما يلي: «إن كل إنسان يملك أو يتمتع بجزءٍ من المناطق التي لحكومة ما سيادة عليها يكون بذلك قد أعطى قبوله الضمني ويكون بذلك قد رتّب على نفسه واجب إطاعة قوانين تلك الحكومة».

وثمة شروحات أخرى وافية قدمها حيدر حاج إسماعيل في دراسته التقديمية لكتاب راولز «العدالة كإنصاف» فيها يتعرض لمعنى القبول الضمني أو «الأوتوماتيكي» ويقرأ كيف وسّع فلاسفة العقد الاجتماعي معاني القبول والرضا والتفويض، حتى من خلال «الإقامة الدائمة» التي تعني وإنْ عبر «الصمت» بالانصياع للقوانين المتبعة بهذا البلد أو ذاك.

ثم إن الغاية من الديمقراطية تحقيق العدالة بكل ما تحمله من معنى، وهذه الغاية قد تتحقق من دون الدخول بالوسائل الديمقراطية الإجرائية السطحية التي بنيت على ما سميناه التعريف المتواضع للمفهوم، إذ تسعى الملكيات بدول الخليج إلى ثمرة العدالة، وهذا منصوص عليه بالدساتير وأنظمة الحكم، والغاية محل سعي حثيث من خلال مؤسسات ترسيخ العدالة والتحاكم العادل ضد المظالم حتى من ظلم مؤسسات الحكومة أو أشخاصها الاعتباريين، وهناك توجيهات أميرية وملكية تنص على سيادة القانون على الجميع بلا استثناء.

ثمة نماذج لمحاكمات ربح فيها المواطنون كما في قصّة المؤسس طيب الله ثراه الملك عبد العزيز، إذ يروي الباحث إبراهيم العتيبي في شواهده حول القضاء في عهد الملك المؤسس أنه «وبعد وفاة الإمام عبد الرحمن في عام 1927 ادعى شخص أنه له في ذمة الإمام مبلغ من المال وطالب الملك عبد العزيز بالوفاء عن والده، ولما طالبه الملك عبد العزيز بالبينة قال المدعي: (اذهب معي إلى الشيخ)، وذهب الملك معه بعد صلاة الفجر إلى منزل القاضي سعد بن عتيق، ولما عرف القاضي أن بينهما دعوى لم يدخلهما منزله، بل أجلسهما على الأرض أمام المنزل. وبعد أن انتهى الحكم لصالح المدعي، انصرف راضياً، وهنا أدخل القاضي الملك عبد العزيز إلى منزله وقال: (... أنت الآن ضيفي)».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي عن موريتانيا وأوضاع الشغب الانتخابي



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates