طرق معبّدة نحو ألماس الدم

طرق معبّدة نحو ألماس الدم

طرق معبّدة نحو ألماس الدم

 صوت الإمارات -

طرق معبّدة نحو ألماس الدم

بقلم : فهد سليمان الشقيران

مع حومة المشاهد العنيفة في الإقليم وسوء التقديرات حول الإرهاب العارم ننسى أن ثمة مناطق أخرى ينخر فيها هذا الداء من دون درسٍ أو تحليل؛ في اليمن هناك فرص للضرب من قِبل إسرائيل للحوثي، وفي أفغانستان تتصاعد موجات العنف الرهيبة، ومثل ذلك في «داعش خراسان»، ولولا اليقظة الروسية العالية لكانت لـ«داعش» صولاتٌ وجولات، ولضرب هناك ضرباتٍ قاضية مثل التي فعلها من قبل. الآن ترتفع مؤشرات ازدياد المدد الإرهابي على مستويين؛ الأول: تصاعد العاطفة الجيّاشة للموضوع العنيف ومحاولة البعض تفكيك تحالف جبهة مكافحة الإرهاب عبر الصيغ البراغماتية التي لن تُؤتي أُكلها على المدى البعيد. والآخر: النفَس السياسي الثوري الذي يتحدّى المؤسسات ويحاول تتفيه مفهوم الدولة بمعنييها السياسي والفلسفي. وما من حل راسخ إزاء ذلك إلا الأجوبة العالية لمعنى الموضوع الإرهابي وحيله وبأساليبه المتطوّرة، واستعمالاته للمصطلحات المواربة.

العنف ليس مقتصراً على منطقتنا فحسب، ثمة إرهابٌ منسيّ ومهمل في أفريقيا، وما كان الإرهاب في أفريقيا منزوعاً من العنصر القبلي وإنما مندغم به، وهذا الإرهاب المركّب له عناصر مؤسسة، سواء في تغطية الدول، أو القبيلة، أو الحميّة، أو حكايا الأعراق، ومن هذا المنطلق الضروري أصدر مركز «المسبار» للدراسات والبحوث كتاباً بعنوان: «الإرهاب في أفريقيا: العِرق والدِّين والسِّياسة»، هذا الكتاب يفكّك اللغز القائم حول العلاقات المتشابكة بين الإرهاب والسوسيولوجيا والعرقية الكامنة والراسخة، وفيه توصيف لما سميته من قبل «الإرهاب المؤسس» المنبني على بِنى اقتصادية وقبائلية وسياسية بل يتداخل الإرهاب في معارك الذهب والألماس التي قارب فوضاها المخرج إدوارد زويك بفيلم مهم ترشح لـ«الأوسكار» 2007 بعنوان: «Blood Diamond» ومن بطولة ليوناردو دي كابريو، وجينيفر كونيلي، ودغيمون هونسو، وهو بليغ في توصيفه للصراع، وكم كان عادل إمام رحيماً في قرن الإرهاب بالكباب كما في فيلمه الشهير، لكن الإرهاب اليوم متجه إلى الألماس.

في كتاب «المسبار» آنف الذكر تطرّق الباحثون إلى تأثر القبيلة في سنوات تفكك الدولة الصومالية منذ عام 1991 وصعود الحركات الإرهابية، وفرضية ارتباطها بعوامل الفقر والظروف الاقتصادية السيئة وتوظيف العنف، محللين نماذج تداخل القبائل والعشائر مع تنظيم «القاعدة» و«جيش الرب» المتمرد، واستغلالهما المظالم العرقية. كما درس ظاهرة توظيف القبيلة لإشعال الانتفاضات الداخلية ضد التنظيمات الإرهابية.

ناقش أيضاً تطورات الإرهاب في تنزانيا وزنجبار، وكيف انتقل الخطاب إلى تلك المناطق، وتوطّن فيها باستغلال العناصر المحلية. وفي إطار مناقشة الأدوات التي يستخدمها المتطرّفون، يعقد الباحث محمد عدي مقارنةً -في دراسته: «العوامل العامة المسببة للتطرّف والإرهاب في شرق أفريقيا»- بين المنصات الإلكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أهمية توظيفها من قِبل تنظيمي «داعش» و«حركة الشباب». ومع ذلك، يشير في مفارقاته إلى أن جماعات، مثل «بوكو حرام»، تعتمد على وسائط شخصية وميدانية، مثل القيادات الدينية والشبكات العائلية، مما يجعل مواجهة التطرّف تحتاج إلى نهج متعدد الأوجه، لا يمكن الاعتماد فيه فقط على تعزيز الذكاء الاصطناعي لتفكيك الخطاب المتطرف؛ إذ يشكّل الذكاء الاصطناعي في أيدي الإرهابيين تهديداً يفوق الأسلحة التقليدية، وهذا تحليل عميق ودقيق.

الخلاصة؛ إن الإرهاب موضوع تداعيات، يتغذّى وينشط ويأخذ أفكاره من إشارات الأحداث الصاعدة وعليها يبني انبعاثاته، وآية ذلك أن تنظيماً مثل «داعش» الآن هو في مرحلة الكمون، ولكن ثمة مراصد تؤشر إلى أن دوراً له سيحدث في الإقليم. إن كل حادثٍ مفاجئ يعني إيجاد مساحةٍ معيّنة يتطلّبها التنظيم من أجل التمدد، وإن كل طاقةٍ شعبيّة هائلة تمدّه بالخروج من الكمون، وعلينا الانتباه والحذر من هذه المرحلة الصعبة الشديدة التصاعد. نحن الآن وحسب الدراسات المقروءة أمام أنماط من الإرهاب غير تقليدية، وإنما ذات بُعد أكثر تخفيّاً من المعتاد، بعض الإرهابيين يستعملون حالياً مفاهيم فلسفية لأغراض التجنيد والامتطاء والتدريب، والفهم السديد للمقاصد يكشف الكثير من المكنون، خصوصاً في مراحل الكمون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طرق معبّدة نحو ألماس الدم طرق معبّدة نحو ألماس الدم



GMT 21:33 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 21:32 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 21:32 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 21:31 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 21:30 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 21:29 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

GMT 21:28 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إرهاب من نوع جديد

GMT 11:16 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

صلاح محسن يشعر بالسعادة لارتدائه الفانيلة الحمراء

GMT 11:56 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات بتراجع أعداد الدب القطبي بنسبة 30% بسبب تقلص الجليد

GMT 23:53 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحواض السمك تجلب الهدوء وتضفي جمالًا على حديقتك

GMT 17:42 2013 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

الاحتفال بذكرى رحيل عمار الشريعى بإذاعة الشرق الأوسط

GMT 04:41 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الربيع يحل قبل 3 أسابيع في الولايات المتحدة الأميركية

GMT 23:42 2013 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

"شل" تتراجع عن بناء محطة لتحويل الغاز إلى سوائل

GMT 16:03 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

5 بنوك تمول إقامة محطة كهرباء في السويس

GMT 16:42 2012 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الفودكا" تنقذ فيلتين من صقيع روسيا

GMT 03:05 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تجهز منشأة لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض

GMT 03:59 2013 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

اكتشاف فصائل جديدة من النبات والعناكب بماليزيا

GMT 22:05 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة انفصال كارول سماحة عن زوجها وليد مصطفى

GMT 08:02 2012 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

"بورشة" الألمانية تتوقع نمو مبيعاتها في 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates